للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقبض، يطوي، يقول.

وعن أنس بن مالك أن النبي قال: «لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد، فيضع فيها رب العالمين قدمه فيزوى بعضها إلى بعض وتقول قط قط، بعزتك وكرمك، ولا تزال الجنة تفضل حتى ينشئ الله لها خلقاً فيسكنهم فضل الجنة» (١). أثبت الحديث الأفعال التالية: يضع، يزوي، يُنشئ، يُسكن.

وعن أبي موسى الأشعري أن رسول الله قال: «إن الله ﷿ يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده في النهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها» (٢). أثبت الحديث الفعل التالي: يبسط يده.

وعن أنس بن مالك قال رسول الله : «لله أفرح بتوبة عبده من احدكم سقط من بعيره وقد أضله في أرض فلاة»، وفي رواية: «لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه … إلخ» الحديث (٣). أثبت الحديث: فرح الله بتوبة عبده.

هذه بعض الأدلة الصريحة على أفعال الله تعالى التي وردت في الكتاب والسنة النبوية، وهي تمثل أدلة صريحة وظاهرة على صحة إثبات الأفعال الإلهية الاختيارية، فهل يقول عاقل بعد ذلك بنفيها؟.

خامسا: أن لفظ: حلول الحوادث من الألفاظ المجملة، وليس معروفاً عند سلف الأمة، ولم يرد في كتاب ولا سنة، لا نفياً ولا إثباتا؛ بل هو عين دعوى الفلاسفة في أن الله: "لا يتغير ولا يتحرك" أخذها المتكلمون وسموها: نفي حلول الحوادث، وهي دعوى باطلة شرعاً كما أنها باطلة عقلاً، إذ لازمها أن الله ﷿ جماد أو ميت فإن الجماد والميت هو الذي لا يتأتى منه


(١) صحيح البخاري، تفسير سورة ق، باب قوله تعالى: ﴿وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾، برقم: ٤٨٤٨.
(٢) صحيح مسلم، كتاب التوبة، باب غيرة الله تعالى، برقم: ٢٧٦٠.
(٣) صحيح مسلم، كتاب التوبة باب، الحض على التوبة، برقم: ٢٧٤٧.

<<  <   >  >>