للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفعل أو الحركة (١).

ولذلك فإن السلف لا يطلقون هذا اللفظ، ويستفصلون ممن اطلقه، فإن أرد بنفي حلول الحوادث بالله أن لا يحل بذاته المقدسة شيء من مخلوقاته المحدثة، أو لا يحدث له وصف متجدد لم يكن له من قبل فهذا النفي صحيح، فالله ﷿ ليس محالاً لمخوقاته وليست موجودة فيه، ولا يحدث له وصف متجدد لم يكن له من قبل.

وإن أرد بنفي حلول الحوادث: نفي أفعاله الاختيارية التي يفعلها متى شاء كيف شاء كالنزول، والاستواء، والرضا، والغضب، والمجيء لفصل القضاء ونحو ذلك فهذا النفي باطل مردود.

وقد اعتراف الرازي في المطالب العالية بأن قول من قال: "أنه تعالى متكلم بكلام يقوم بذاته وبمشيئته واختياره هو أصح الأقوال نقلاً وعقلاً" (٢).

قال الإمام أحمد في صفات الله: "لا يُتعدى القرآن والحديث، فنقول كما قال ونصفه بما وصف به نفسه ولا يُتعدَّى ذلك" (٣).

وقال ابن أبي العز في شرح الطحاوية في تعليقه على كلام الطحاوي: "تعالى ربنا عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات"، قال: "أذكر بين يدي الكلام على عبارة الشيخ مقدمة، وهي: أن الناس في إطلاق مثل هذه الألفاظ ثلاثة أقوال: فطائفة تنفيها، وطائفة تثبتها، وطائفة تفصل، وهم المتبعون للسلف، فلا يطلقون نفيها ولا إثباتها إلا إذا بين ما أثبت بها فهو ثابت، وما نفي بها فهو منفي؛ لأن المتأخرين قد صارت هذه الألفاظ في اصطلاحهم فيها إجمال وإبهام، كغيرها من الألفاظ الاصطلاحية، فليس كلهم يستعملها في نفس معناها اللغوي. ولهذا كان النفاة ينفون بها حقاً وباطلاً، ويذكرون عن مثبتيها ما لا يقولون به، وبعض المثبتين لها يدخل فيها معنى باطلاً، مخالفاً لقول السلف، ولما دل عليه


(١) انظر: أصول مسائل العقيدة عند السلف وعند المبتدعة: ٢/ ٤٢.
(٢) المطالب العالية من العلم الإلهي: ٣/ ٢٠٣. وانظر: فتح الباري: ٣/ ٤٥٥، والأمدي وأرؤه الكلامية: ٣٤٦ - ٣٤٧، ودرء التعارض: ٢/ ١٩٥.
(٣) الرسائل والمسائل المروية عن الإمام أحمد في العقيدة: ١/ ٢٧٧.

<<  <   >  >>