للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يمكن تحقيق مثل هذه الواجبات إلا بوجود إمام.

فإذا كانت طاعة ولي الأمر - في غير معصية الله - واجبة وكذلك البيعة فوجوب نصب الإمام من باب أولى. وهذا من باب القاعدة الفقهية التي تنص على أنه ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب (١).

وقال : «إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم» (٢).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " فأوجب تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر تنبيها بذلك على سائر أنواع الاجتماع، ولأن الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة" (٣).

فإذا كان تأمير الأمير واجباً في عدد قليل وهم ثلاثة، وفي أمر عارض وهو السفر، فهو في حق الأمة ذات العدد الكبير والأمر المستديم أولى وأوجب.

ومن عقيدة أهل السنة والجماعة أن الإمامة تنعقد بالاختيار من أهل الحل والعقد، أو بالاستخلاف، أو بالقوة والغلبة، فإذا انعقدت الإمامة وجب السمع والطاعة لولاة الأمور (٤)، ووجب "على الناس كافة مبايعته على السمع والطاعة، وإقامة كتاب الله وسنة رسوله ، ومن تأبى عن البيعة لعذر عذر، ومن تأبى لغير عذر جبر وقهر، لئلا تفترق كلمة المسلمين" (٥).

وقد قصدت الشريعة تحقيق أعظم المصالح وأسنى المقاصد، بالإمامة، ولو لم يكن للناس إمام مطاع لانثلمت شرائع الإسلام، وتعطلت الأحكام، وفسد أمر الأنام، وضاعت الأيتام، ولم


(١) انظر: الصواعق المحرقة: ١٦، والإمامة العظمى: ٥٠، ٥٨.
(٢) سنن أبي داود، كتاب الجهاد، باب في القوم يسافرون يؤمرون أحدهم، برقم: ٢٦٠٨، وانظر: صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم: ٢٦٠٨.
(٣) مجموع الفتاوى: ٢٨/ ٣٩٠.
(٤) انظر: روضة الطالبين: ١٠/ ٤٦، والجامع لأحكام القرآن: ١/ ٢٦٤، ٢٧٢، وفتح الباري: ١٣/ ٧، والسيل الجرار: ٤/ ٥١١ - ٥١٣، والدرر السنية: ٧/ ٢٣٩.
(٥) انظر: الجامع لأحكام القرآن: ١/ ٢٧٢.

<<  <   >  >>