للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طريق تحليل كلامه وتفسيره، بينما يطبق الأمراء هذه التفسيرات. وبالتالي كانت السلطة مقسمة بين العلماء والأمراء والطرفان يقدمان على أنهما ولاة الأمر في المعتقد الوهابي".

فإن هذه الحالة المثالية هي امتثال لأمر الله ﷿، يقول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (٥٩)[النساء: ٥٩]، قال ابن جرير : " يعني بذلك جل ثناؤه: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ربكم فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه، وأطيعوا رسوله محمدًا ، فإن في طاعتكم إياه لربكم طاعة، وذلك أنكم تطيعونه لأمر الله إياكم بطاعته" (١).

ثم ذكر الأقوال في المراد بولاة الأمر، ثم قال: "وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: هم الأمراء والولاة لصحة الأخبار عن رسول الله بالأمر بطاعة الأئمة والولاة فيما كان لله طاعةً، وللمسلمين مصلحة، " (٢).

ثم قال: " القول في تأويل قوله: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾.

يعني بذلك جل ثناؤه: فإن اختلفتم، أيها المؤمنون، في شيء من أمر دينكم: أنتم فيما بينكم، أو أنتم وولاة أمركم، فاشتجرتم فيه ﴿فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ﴾، يعني بذلك: فارتادوا معرفة حكم ذلك الذي اشتجرتم أنتم بينكم، أو أنتم وأولو أمركم فيه من عند الله، يعني بذلك: من كتاب الله، فاتبعوا ما وجدتم، وأما قوله: ﴿وَالرَّسُولِ﴾، فإنه يقول: فإن لم تجدوا إلى علم ذلك في كتاب الله سبيلا فارتادوا معرفة ذلك أيضًا من عند الرسول إن كان حيًا، وإن كان ميتًا فمن سنته ﴿إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾، يقول: افعلوا ذلك إن كنتم تصدقون بالله، واليوم الآخر، يعني: بالمعاد الذي فيه الثواب والعقاب، فإنكم إن فعلتم ما أمرتم به من ذلك. فلكم من الله الجزيل من الثواب، وإن لم تفعلوا ذلك فلكم الأليم من العقاب" (٣).


(١) تفسير الطبري: ٨/ ٤٩٥.
(٢) المرجع السابق: ٨/ ٥٠٢.
(٣) المرجع السابق: ٨/ ٥٠٤.

<<  <   >  >>