للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجور، وهذا ما نص عليه أئمة السلف؛ لكن إذا ظهر من الحاكم ما يوجب كفره، ووجدت القدرة على تغييره دون حصول مفسدة في ذلك؛ فإن عبادة بن الصامت قال: دعانا رسول الله فبايعناه، فكان فيما أخذ علينا: «أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله»، قال: «إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان» (١).

قال الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف : "قوله: (أن لا ننازع الأمر أهله) دليل على المنع من قتال الأئمة، (إلا أن يروا كفرا بواحا)، وهو الظاهر الذي قد باح به صاحبه، فطاعة ولي الأمر، وترك منازعته، طريقة أهل السنة والجماعة، وهذا هو فصل النّزاع بين أهل السنة، وبين الخوارج والرافضة" (٢).

وقال الشيخ عبد العزيز ابن باز : "ولا يجوز الخروج على ولاة الأمور وشق العصا إلا إذا وجد منهم كفر بواح عند الخارجين عليه من الله برهان، ويستطيعون بخروجهم أن ينفعوا المسلمين وأن يزيلوا الظلم وأن يقيموا دولة صالحة. أما إذا كانوا لا يستطيعون فليس لهم الخروج ولو رأوا كفرا بواحا؛ لأن خروجهم يضر الناس ويفسد الأمة ويوجب الفتنة والقتل بغير الحق ولكن إذا كانت عندهم القدرة والقوة على أن يزيلوا هذا الوالي الكافر فليزيلوه وليضعوا مكانه واليا صالحا ينفذ أمر الله فعليهم ذلك إذا وجدوا كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان وعندهم قدرة على نصر الحق وإيجاد البديل الصالح وتنفيذ الحق" (٣).

ويقول الشيخ محمد بن عثيمين على قوله : «إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان»: "ثم إن القيود التي ذكرها النبي قيودٌ صعبة، من يتحقق من هذا الحاكم، مثلاً علمنا أنه كافر علم اليقين، نراه كما نرى الشمس أمامنا، ثم علمنا أن الكفر بواح، لا


(١) صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، وتحريمها في المعصية، برقم (١٧٠٩).
(٢) الدرر السنية: ٩/ ٩٢، ١٦١.
(٣) مجموع فتاوى ابن باز: ٧/ ١١٩، ٨/ ٢٠٣، وفتاوى اللجنة الدائمة: ٢٣/ ٣٩٩، والمجموعة الثانية: ٢/ ٣١٥.

<<  <   >  >>