للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأن مصلحة الناس إنما تتم بالاجتماع ولا تتم بالتفرق" (١).

حقيقة هذه الدعوى:

إتهام دعوة الإمام بتعظيم الإمامة والغلو فيها وجعلها من أركان الدين (٢)، وهذا فيه تشبيه لعقيدة الإمام بعقائد الرافضة (٣).

الجواب عن هذه الدعوى:

أولا: أن هذه الدعوى مخالفة لما أجمع عليه السلف-رضوان الله عليهم- من وجوب الاجتماع على الإمام والسمع والطاعة له في غير معصية لله، والدعاء له، وتحريم الخروج عليه. وسبق الكلام على هذه المسألة في المبحث الثاني، وفي الدعوى الثانية من هذا الفصل.

قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٥٩]، ودلالة هذه الآية ظاهرة، فإن الله تعالى قرن طاعته وطاعة رسوله بطاعة أولي الأمر، قال إمام المفسرين ابن جرير الطبري بعد أن ساق الأقوال في المراد بأولي الأمر في الآية: "وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال هم الأمراء والولاة، لصحة الأخبار عن رسول الله بالأمر بطاعة الأئمة والولاة" (٤).

وقال سبحانه: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ [البقرة: ٣٠].

قال القرطبي في تفسيرها: "هذه الآية أصل في نصب إمام وخليفة، يُسمع له ويُطاع به الكلمة" (٥).

ثانيا: أن الإجماع منعقد على وجوب نصب إمام، وقد نقل الإجماع على ذلك غير واحد


(١) الدولة في الخطاب السلفي المعاصر المرجعيات والأفكار والتحولات: ٥٢٢، ضمن كتاب الوهابية والسلفية الأفكار والآثار. وانظر: أصول الحكم ونظام الولاية في الشريعة الإسلامية: ٢٤٩.
(٢) انظر: الإمامة لمرتضى المطهري: ٣٧، والإمامة في جذورها القرآنية: ١٥، وتاريخ العقائد الشيعية وفرقها: ١٣٣.
(٣) انظر: أصول الدين للقمي: ٥، وعلم الكلام والتعدّدية المذهبية - هل نظرية الإمامة من أصول الدين أم أصول المذهب الشيعي؟: http:// nosos.net، في ٩/ ١٠/ ١٤٣٨ هـ.
(٤) جامع البيان: ٥/ ١٥٠.
(٥) الجامع لأحكام اقرآن للقرطبي: ١/ ٢٦٤.

<<  <   >  >>