للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أهل العلم، منهم النووي (١)، والقرطبي (٢)، وغيرهم (٣)، ولم يقل أحد من العلماء مع انعقاد هذا الإجماع أن الإمامة من أسس التوحيد.

ثالثا: أنه يجب على كل مسلم السمع والطاعة لولاة الأمور في غير معصية الله، وإن بدا ظلم أو تقصير في حقوق الرعية، روى مسلم في صحيحه -باب طاعة الأمراء وإن منعوا الحقوق- أن سلمة بن زيد الجعفي سأل رسول الله فقال: يا نبي الله، أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا، فما تأمرنا؟ فأعرض عنه، ثم سأله فأعرض عنه، ثم سأله في الثانية أو في الثالثة فجذبه الأشعث بن قيس، فقال : «اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حُملوا وعليكم ما حُملتم» (٤).

رابعا: أن أقوال السلف في تقرير هذه المسألة أكثر من أن تحصر، فلا تكاد تخلو كتب السنن والعقائد من آثار أئمة الدين في الأمر بالسمع والطاعة في غير معصية، ولزوم الجماعة، وتحريم الخروج (٥).

خامسا: أن السمع والطاعة لولاة الأمور من عقائد أهل السنة؛ لكن هذا لا يعني أنها أساس التوحيد - ولم يقل بهذا أحد من أهل العلم-، ولا يعني السمع والطاعة لهم مطلقًا، وإنما السمع والطاعة في المعروف، وفي المنشط والمكره، مع بذل النصح لهم عند وجود المعصية.


(١) شرح صحيح مسلم: ١٢/ ٢٠٥.
(٢) الجامع لأحكام القرآن: ١/ ٢٦٤.
(٣) انظر: الصواعق المحرقة: ٧، ومقدمة ابن خلدون: ١٧٩، والفصل في الملل والأهواء والنحل: ٤/ ١٤٩، والإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة: ٤٦.
(٤) صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب في طاعة الأمراء وإن منعوا الحقوق، برقم: ١٨٤٦.
(٥) انظر: السنة لابن أبي عاصم: ٢/ ٤٩٢، والسنة للخلال: ١/ ٧٤، والشريعة للآجري: ١/ ٣٧٣، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة: ١/ ١٦٧، ٧/ ١٢٢٣، والاستذكار: ٥/ ١٤، وشرح السنة للبغوي: ١٠/ ٤٦، والحجة في بيان المحجة: ٢/ ٥٧٢، والاستقامة: ١/ ٤١، ومجموع الفتاوى: ٣٥/ ٥، ومنهاج السنة: ١/ ١١٥، ومؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب: ٦/ ٢٦٤، والدرر السنية في الأجوبة النجدية ٨/ ٣٧، ٩/ ١٦٠.

<<  <   >  >>