للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذا مناصرة الفقيه للحاكم والسمع والطاعة له وعدم الخروج عليه ومساندته من عقيدة السلف الصالح، كما سبق بيانه في المبحث الثاني، وفي الدعوى الثانية من هذا الفصل.

ثم قول الكاتب: " في مقابل المذاهب والأفكار الدينية الأخرى "، ليت الكاتب بين لنا مراده بالمذاهب والأفكار الدينية الأخرى؛ لأن الكلام المجمل يحتمل معاني كثيرة؛ فهل يقصد المذاهب الفقهية الأربعة المعروفة: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنبلية، وهي موجودة -ولله الحمد- في هذا البلاد، وتدرس في الحرمين، ومن أعضاء هيئة كبار العلماء من ينتسب لها. أو يقصد مذاهب الخوارج والرافضة أو الأفكار الليبرالية وغير ذلك. فالإجمال والإطلاق هو سلاح أهل الأهواء ومنهجهم، والبيان والتفصيل والتصريح هو سبيل أهل السنة والحق. فأهل الأهواء يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم، فنعوذ بالله من فتن الضالين (١).

قال ابن حزم (٢) : "والكلام إذا أُجمل اندرج فيه تحسين القبيح وتقبيح الحسن، ألا ترى لو أن قائلاً قال: إن فلاناً يطأ أخته! لفحش ذلك ولاستقبحه كل سامع له حتى إذا فُسّر فقال: هي أخته في الإسلام ظهر فُحش هذا الإجمال وقبحه" (٣).

فلم يقل ابن حزم: حتى إذا فسّر زال الحرج والملام؛ بل قال: حتى إذا فسّر ظهر فحش هذا الإجمال وقبحه.

ثامنا: استدلال عبد الله المالكي على أن دعوة الإمام حركة سياسية بأن الإمام محمد بن عبد الوهاب كان يبشر الإمام محمد بن سعود بالعز والتمكين إذا عمل بالدعوة: "أبشرك بالعز والتمكين والنصر المبين"، "من تمسك وعمل بها ونصرها ملك بها البلاد والعباد"،


(١) انظر: الرد على الجهمية والزنادقة: ٥٧.
(٢) علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي، من أوسع أهل قرطبة معرفة باللسان، كان شافعياً ثم انتقل إلى القول بالظاهر في الفروع، له مؤلفات كثيرة، منها: الإحكام في أصول الأحكام، والمُحلَّى في شرح المجلَّى بالحجج والآثار، والفصل في الملل والنحل. توفي سنة ٤٥٦ هـ. انظر: سير أعلام النبلاء: ١٨/ ١٨٤، وتذكرة الحفاظ: ٣/ ١١٤٦.
(٣) الأخلاق والسير: ٣٥.

<<  <   >  >>