للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : "الكفر حكم شرعي متلقى عن صاحب الشريعة، والعقل قد يُعلم به صواب القول وخطؤه، وليس كل ما كان خطأً في العقل، يكون كفراً في الشرع، كما أنه ليس كل ما كان صواباً في العقل، تجب في الشرع معرفته" (١).

ويقول أيضا : "إذا تبين ذلك، فاعلم أن مسائل التكفير والتفسيق هي من مسائل الأسماء والأحكام التي يتعلق بها الوعد والوعيد في الدار الآخرة، وتتعلق بها الموالاة والمعاداة والقتل والعصمة وغير ذلك في الدار الدنيا، فإن الله سبحانه أوجب الجنة للمؤمنين، وحرم الجنة على الكافرين، وهذا من الأحكام الكلية في كل وقت ومكان" (٢).

ويقول أيضًا عن أهل العلم والسنة أنهم: "لا يكفرون من خالفهم، وإن كان ذلك المخالف يكفرهم؛ لأن الكفر حكم شرعي، فليس للإنسان أن يعاقب بمثله كمن كذب عليك وزنى بأهلك، ليس لك أن تكذب عليه وتزني بأهله، لأن الكذب والزنا حرام لحق الله تعالى، وكذلك التكفير حق لله، فلا يُكفر إلا من كفّره الله ورسوله" (٣).

ويقول الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب (٤) : "وبالجملة فيجب على من نصح نفسه ألا يتكلم في هذه المسألة إلا بعلم وبرهان من الله، وليحذر من إخراج رجل من الإسلام بمجرد فهمه، واستحسان عقله، فإن إخراج رجل من الإسلام، أو إدخاله فيه من أعظم أمور الدين" (٥).

ومن عقيدة أهل السنة والجماعة التفريق بين التكفير المطلق والتكفير المعين، فتكفير "غير


(١) درء التعارض: ١/ ٢٤٢.
(٢) مجموع الفتاوى: ١٢/ ٤٦٨.
(٣) الرد على البكري: ٢/ ٤٩٢ - ٤٩٣.
(٤) أبو سليمان عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي النجدي، عالم نجد ومفتيها بعد والده. له مصنفات وفتاوى ورسائل، منها: جواب أهل السنة في نقض كلام الشيعة والزيدية، ومختصر السيرة، والكلمات النافعة في المكفرات الواقعة، وغيرها. توفي سنة ١٢٤٢ هـ. انظر: مشاهير علماء نجد: ٣٢، والدرر السنية: ١٦/ ٣٧٦.
(٥) الدرر السنية: ٨/ ٢١٧.

<<  <   >  >>