للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعين مشروع بأن يقال: من استغاث بغير الله فيما دفعه من اختصاص الله كافر، كمن استغاث بنبي من الأنبياء أو ولي من الأولياء أن يشفيه أو يشفي ولده مثلا" (١).

ومن أصول عقيدة السلف الصالح؛ أهل السنة والجماعة: أنهم لا يكفرون أحدا بعينه من المسلمين ارتكب مكفرا إلا بعد إقامة الحجة التي يكفر بموجبها؛ فتتوافر الشروط، وتنتفي الموانع، وتزول الشبهة عن الجاهل والمتأول.

فكل من "ثبت له عقد الإسلام، فإنه لا يزول عنه إلابنص أو إجماع، وأما بالدعوى والافتراء فلا.

فوجب أن لا يكفر أحد بقول قاله إلا بأن يخالف ما قد صح عنده أن الله تعالى قاله، أو أن رسول الله قاله، فيستجيز خلاف الله تعالى وخلاف رسوله ، وسواء كان ذلك في عقد دين أو في نحلة أو في فتيا، وسواء كان ما صح من ذلك عن رسول الله منقولاً نقل إجماع تواتراً أو نقل آحاد" (٢).

يقول ابن عبد البر : "ومن جهة النظر الصحيح الذي لا مدفع له، أن كل من ثبت له عقد الإسلام في وقت بإجماع من المسلمين، ثم أذنب ذنباً أو تأول تأويلاً، فاختلفوا بعد في خروجه من الإسلام لم يكن لاختلافهم بعد إجماعهم معنىً يوجب حجة، ولا يخرج من الإسلام المتفق عليه إلا باتفاق آخر أو سنة ثابتة لا معارض لها، وقد اتفق أهل السنة والجماعة، وهم أهل الفقه والأثر على أن أحداً لا يخرجه ذنبه - وإن عظم - من الإسلام، وخالفهم أهل البدع، فالواجب في النظر أن لا يكفَّر إلا من اتفق الجميع على تكفيره، أو قام على تكفيره دليل لا مدفع له من كتاب أو سنة" (٣).

كما أنهم لا يكفرون المكره إذا كان قلبه مطمئنا بالإيمان، ولا يكفرون أحدا من المسلمين بكل ذنب، ولو كان من كبائر الذنوب التي هي دون الشرك؛ فإنهم لا يحكمون على مرتكبها


(١) فتاوى اللجنة الدائمة: ٢/ ١٤٠.
(٢) الفصل في الملل والأهواء والنحل: ٣/ ٣٩٢. وانظر: فتاوى السبكي: ٢/ ٥٧٨.
(٣) التمهيد: ١٧/ ٢١ - ٢٢. وانظر: البحر الرائق: ٥/ ١٣٤، ومجموع الفتاوى: ٨/ ٢١٧.

<<  <   >  >>