للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم قال: " إلا أن الناظر المدقق سرعان ما يكتشف الخدعة الوهابية الكبرى وأن الأمر كله لا يختلف في قليل ولا كثير عما فعله من خاطبهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.

تمثلت الخدعة الوهابية في ذلك التدرج بدءاً من التأكيد على أهمية الاعتقاد بوحدانية الله ﷿ وكأن التوحيد هو عمل مستقل وقائم بذاته عن منظومة العقيدة الإسلامية أو كأنه اكتشاف جديد يسمع عنه المسلمون لأول مرة ثم النص على أن بعض الأعمال دون بعض هي من الأمور التي يقوم بها المسلم ثم النص على أن بعض الأعمال دون بعض هي من الأمور التي توقع في الشرك ثم اعتبار من يقوم بهذه الأعمال كافراً وخارجاً من الملة وأخيراً إعلان الحرب عليه ثم استباحة دمه تطبيقاً للمانيفستو الوهابي التكفيري المسمى بكتاب التوحيد" (١).

ويقول فؤاد إبراهيم: " من ذلك اعتبار زمن الدعوة التي جاء بها محمد بن عبد الوهاب هو الحد الفاصل بين الإيمان والكفر، حتى إن أحفاد مؤسسي المذهب ومن جاء بعده أمثال الشيخ سليمان بن سحمان وصولاً إلى الشيخ ابن باز يعتقدون أن كل من وصلته دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ولم يؤمن يصبح كافراً …

... إلى حد اعتبار أن الدعوة الوهابية ناسخة لما قبلها وما بعدها، وهي ترسم الخط الفاصل بين الإيمان والكفر. فالشيخ ابن باز يرى بأن ابن عبد الوهاب قد بلّغ الإسلام ولا حجة لمن يشرك بعد ذلك. ولا غرابة أن تصادر الوهابية كل ما سواها من مذاهب إسلامية وترى في نفسها التمثيل الحصري للإسلام" (٢).

حقيقة هذه الدعوى:

هذه الدعوى مبنية على الفهم الخاطئ للتوحيد والعبادة، والظن أن كتب الإمام محمد بن


(١) المرجع السابق: ٣٣. وانظر: جدل الدين والسياسة: ٢١٨ - ٢١٩، ٢٢٩.
(٢) داعش من النجدي إلى البغدادي: ١٣٠ - ١٣١.

<<  <   >  >>