للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكل بلاد أو ديار، لا يقيم حكامها وذوو السلطان فيها حدود الله، ولا يحكمون في الرعية بحكم الإسلام، ولا يقوى المسلم فيها على القيام بما وجب عليه من شعائر الإسلام، فهي دار كفر" (١).

ثالثا: وصف الدور بالإسلام أو الكفر أوصاف عارضة؛ ولذلك فلا توجد أوصاف لازمة لذات الدور، إلا ما ورد فيما يستثنى من ذلك، كما في الصحيح من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله : «لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا» (٢).

قال الكاساني (٣) الحنفي : "وجه قولهما - أبو يوسف ومحمد- أن قولنا دار الإسلام ودار الكفر إضافة دار إلى الإسلام وإلى الكفر، وإنما تضاف الدار إلى الإسلام أو إلى الكفر لظهور الإسلام أو الكفر فيها، كما تسمى الجنة دار السلام، والنار دار البوار؛ لوجود السلامة في الجنة، والبوار في النار وظهور الإسلام والكفر بظهور أحكامهما، فإذا ظهر أحكام الكفر في دار فقد صارت دار كفر فصحت الإضافة، ولهذا صارت الدار دار الإسلام بظهور أحكام الإسلام فيها من غير شريطة أخرى، فكذا تصير دار الكفر بظهور أحكام الكفر فيها، والله أعلم" (٤).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " فإن كون الأرض دار كفر، أو دار إسلام، أو إيمان، أو دار سلم، أو حرب، أو دار طاعة، أو معصية، أو دار المؤمنين، أو الفاسقين أوصاف عارضة؛ لا لازمة. فقد تنتقل من وصف إلى وصف كما ينتقل الرجل بنفسه من الكفر إلى الإيمان والعلم وكذلك بالعكس. وأما الفضيلة الدائمة في كل وقت ومكان ففي الإيمان والعمل


(١) فتاوى اللجنة الدائمة: ١٢/ ٥٣ - ٥٤، وانظر: الموسوعة الفقهية الكويتية: ١١/ ٢١٢ - ٢٢٨.
(٢) صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب فضل الجهاد والسير، برقم: ٢٧٨٣.
(٣) أبو بكر بن مسعود بن أحمد الكاشاني أو الكاساني، فقيه حنفي، له من المؤلفات: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، والسلطان المبين في أصول الدين، توفي سنة ٤٨٧ هـ. انظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية: ٢/ ٢٤٤، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون: ١/ ٣٧١.
(٤) بدائع الصنائع: ٧/ ١٣٠.

<<  <   >  >>