للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأشباه ذلك من الأحكام.

فإذا كلام أئمة الدعوة في هذه المسألة فيه تفصيل ما بين الكفر الظاهر والكفر الباطن، ومن جهة التطبيق في الواقع يفرقون، فإذا أتى للتأصيل قالوا هو كفر سواء أكان كفره عن إعراض وجهل أو كان كفره عن إباء واستكبار، وإذا أتى للتطبيق على المعين أطلقوا على من أقيمت عليه الحجة الرّسالية البينة الواضحة أطلقوا عليه الكفر، وأما من لم تقم عليه الحجة فتارة لا يطلقون عليه الكفر كما قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في موضع: وإن كنا لا نكفر من عند قبة الكوّاز وقبة البدوي لأجل عدم وجود من ينبههم. الشيخ ما كفر أهل الجبيلة ونحوهم ممن عندهم بعض الأوثان في أول الأمر لأجل عدم بلوغ الحجة الكافية لهم، وقد يطلق بعضهم على هؤلاء الكفر ويراد به أن يعاملوا معاملة أهل الكفر حرزا ومحافظة لأمر الشريعة والإتباع، حتى لا يستغفر لمشرك، وحتى لا يضحي عن مشرك، أو أن يتولى مشركا ونحو ذلك من الأحكام" (١).

وقال الشيخ محمد ابن عثيمين في جواب له عن العذر بالجهل فيما يتعلق بالعقيدة؟: " الاختلاف في مسألة العذر بالجهل كغيره من الاختلافات الفقهية الاجتهادية (٢)، وربما يكون اختلافًا لفظيًا في بعض الأحيان من أجل تطبيق الحكم على الشخص المعين أي إن الجميع يتفقون على أن هذا القول كفر، أو هذا الفعل كفر، أو هذا الترك كفر، ولكن هل يصدق الحكم على هذا الشخص المعين لقيام المقتضى في حقه وانتفاء المانع أو لا ينطبق لفوات بعض المقتضيات، أو وجود بعض الموانع" (٣).

الثاني عشر: أن الله ﷿ لا يعذب إلا من قامت عليه الحجة، وكون فلان قامت عليه الحجة أم لا؛ فذلك ما لا يمكن الدخول بين الله وبين عباده فيه، أما في الدنيا فيعامل بالظاهر منه، قال ابن القيم : "والإسلام هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له والإيمان بالله وبرسوله واتباعه فيما جاء به، فما لم يأت العبد بهذا فليس بمسلم، وإن لم يكن كافراً معانداً فهو


(١) شرح كشف الشبهات: ١٣٦ - ١٣٨.
(٢) انظر: التمهيد لابن عبد البر: ٥/ ١٢٩.
(٣) مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين: ٢/ ١٣٠، ٧/ ٣٧.

<<  <   >  >>