للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحيث يختلف حد الإعتدال، ويتباين من مجتمع لآخر وفقاً لقيم وثقافة وعادات كل مجتمع، فقد تعددت مفاهيم التطرف إلى حد جعل من الصعوبة بمكان تحديد أطرها (١).

ويمكن تعريف التطرف بما يوافق المفهوم المعاصر بأنه: حالة من التزمُّت والغلو في الحماس والتمسك الضيق الأفق بعقيدة أو فكرة، مما يؤدي إلى الاستخفاف بآراء ومعتقدات الآخرين، ومحاربتها والصراع ضدها وضد الذين يحملونها (٢).

وقد عدّ الغلو تطرفًا لأنه أخذ بأحد الطرفين، كما قيل:

لا تغلُ في شيء من الأمر واقتصد … كلا طرفي قصد الأمور ذميم

لكن الوصف الشرعي للتشدد في الدين والغلو فيه يجب أن يكون مرجعه إلى الشرع نفسه لا اصطلاح الناس ومفاهيمهم وإطلاقاتهم، يقول العلامة ابن أبي العز الحنفي : "والتعبير عن الحق بالألفاظ الشرعية النبوية الإلهية هو سبيل أهل السنة والجماعة " (٣).

ومن تتبع الكتاب والسنة وجد أن الغلو هو اللفظ الوارد فيهما، كما جاء في قوله سبحانه: ﴿قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ﴾ [المائدة: ٧٧].

وجاء في قول النبي : «إياكم والغلو في الدين، فإنه أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين» (٤).

والغلو والتطرف لفظان متقاربان - وإن كان يوجد من فرّق بينهما (٥) - إذا قيل إن


(١) انظر: التطرف وعلاقته بمستوى النضج النفسي والاجتماعي لدى الشباب: ١٤.
(٢) انظر: الموسوعة السياسية: ١/ ٧٦٨. وموقع المرصد العربي للتطرف والإرهاب: http:// arabobservatory.com/? page_id=٢٩١٨.
(٣) شرح العقيدة الطحاوية: ١/ ٧٠. وانظر: الإرهاب والعنف والتطرف في ميزان الشرع: ٣، والصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف: ٢٣.
(٤) سبق تخريجه: ٤٢١.
(٥) انظر: مشكلة التطرف ومكافحة الإرهاب، في موقع الارهاب الدراسات الدولية والدبلوماسية:
http:// errafikabdalwahid.blogspot.com/ ٢٠١٥/ ٠٣/ blog-post_٨٠.html، في ٨/ ٧/ ١٤٣٨ هـ.

<<  <   >  >>