للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمفرْطين، وبين المتساهلين والمتشددين، قال تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام: ١٥٣].

وهم الذين اختارهم الله ليختم بهم أديانه ورسالاته على الأرض، فرسالتهم ودينهم هي المناسبة لكل عصر ومصر وزمان ومكان ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: ٣]، وقال: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾ [آل عمران: ١٩]، وقال: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٨٥)[آل عمران: ٨٥].

وهم غير المغضوب عليهم من اليهود، والضالين من النصارى، فدينهم دين السماحة واليسر وعدم الكلفة، والابتعاد عن المشقة.

وهذه الوسطية بسبب تمسكهم بكتاب الله وسنة رسوله ، وفهمهما على فهم الصحابة على بصيرة وفقه وحكمة، والرجوع عند الاختلاف والتنازع إليها، والالتزام بمنهج واحد والسير عليه، وهو منهج محمد وأصحابه والتابعين لهم بإحسان. فأهل السنة والجماعة:

١ - يؤمنون بالكتاب كله، وبما ثبت عن رسول الله ، فلا يأخذون ببعض النصوص دون بعض كحال من ضل: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾ [البقرة: ٨٥] أو يتخيرون من النصوص ما يوافق أهواءهم: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ﴾ [آل عمران: ٧].

٢ - أنهم حكّموا النصوص من الكتاب والسنة على الآراء والعقول والأهواء، وجعلوا هذه الأمور تابعة للنصوص لا حاكمة عليها، لأن النصوص منضبطة، والأذواق والأهواء لا ضابط لها، فمن تقيد بالمنضبط نجا ومن اتبع هواه ضل، كما تواترت بذلك النصوص.

٣ - أنهم تجردوا من الأهواء المضلة، فليس لهم هَمٌّ إلا نصرة ما جاء به الرسول ، فلا ينتصرون لكبير أو صغير على حساب الحق، أو يقدمون رأي شخص أو جماعة أو حزب أو حركة على الدليل الثابت، بل يدورون مع الحق والدليل حيث كان.

٤ - أنهم استرشدوا بفهم السلف الصالح من الصحابة ومن بعدهم من أهل القرون الثلاثة المفضلة: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام: ٩٠]، ﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ

<<  <   >  >>