للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النوع الثالث: توحيده -جل وعلا- في أسمائه وصفاته" (١).

ومن الآيات التي جمعت أقسام التوحيد الثلاثة (٢) قول الله في سورة مريم: ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (٦٥)[مريم: ٦٥].

يقول الشيخ عبد الرحمن بن سعدي (٣) مبيناً دلالة الآية على ذلك: " … اشتملت -أي الآية- على أصول عظيمة على توحيد الربوبية، وأنه تعالى رب كل شيء وخالقه ورازقه ومدبره، وعلى توحيد الألوهية والعبادة، وأنه تعالى الإله المعبود، وعلى أن ربوبيته موجبة لعبادته وتوحيده، … واشتملت على أن الله تعالى كامل الأسماء والصفات عظيم النعوت جليل القدر وليس له في ذلك شبيه ولا نظير ولا سمي، بل قد تفرد بالكمال المطلق من جميع الوجوه والاعتبارات" (٤).

وهذه الأقسام الثلاثة للتوحيد لها دلائل كثيرة في كتاب الله وسنة رسوله :

١ - فمن أدلة توحيد الربوبية قول الله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: ٢]، وقوله: ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأعراف: ٥٤]، وقوله: ﴿قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ﴾ [الرعد: ١٦]، وقوله: ﴿قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (٨٥) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٨٦) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٨٧) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٨) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (٨٩)[المؤمنون: ٨٤ - ٨٩]، وقوله: ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [غافر: ٦٤]، وقوله: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ


(١) أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن: ٣/ ١٧ - ١٩.
(٢) انظر: القول المفيد: ١/ ١٢.
(٣) هو العلامة عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي، الفقيه الأصولي المفسر، من مؤلفاته: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان المعروف بتفسير ابن سعدي، والتوضيح المبين لتوحيد الأنبياء والمرسلين من الكافية الشافية، والدرة البهية شرح القصيدة التائية في حل المشكلة القدرية وغيرها من الكتب. توفي عام ١٣٧٦. انظر: روضة الناظرين عن مآثر علماء نجد وحوادث السنين: ١/ ٢٢٩، وعلماء نجد خلال ثمانية قرون: ٣/ ٢١٨.
(٤) المواهب الربانية من الآيات القرآنية: ٤٤، ٤٥.

<<  <   >  >>