للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المقاصد، وإثبات اتفاق الشرائع عليها، لا يحتاج إليه من يقرأ القرآن العظيم، فإنه إذا أخذ المصحف الكريم وقف على ذلك في أي موضع شاء، ومن أي مكان أحب، وفي أي محل منه أراد، ووجده مشحوناً به من فاتحته إلى خاتمته" (١).

وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي (٢) : "وقد دل استقراء القرآن العظيم على أن توحيد الله ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأول: توحيده في ربوبيته، وهذا النوع من التوحيد جبلت عليه فِطر العقلاء، قال تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [الزخرف: ٨٧]، وقال: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٣١)[يونس: ٣١]، وهذا النوع من التوحيد لا ينفع إلا بإخلاص العبادة لله …

الثاني: توحيده جل وعلا في عبادته. وضابط هذا النوع من التوحيد هو تحقيق معنى "لا إله إلا الله"، وهي متركبة من نفي وإثبات؛ فمعنى النفي منها: خلع جميع أنواع المعبودات غير الله كائنة ما كانت في جميع أنواع العبادات كائنة ما كانت.

ومعنى الإثبات منها: إفراد الله -جل وعلا- وحده بجميع أنواع العبادات بإخلاص، على الوجه الذي شرعه على ألسنة رسله عليهم الصلاة والسلام … وهو الذي فيه المعارك بين الرسل وأممهم ﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (٥)[ص: ٥].

ومن الآيات الدالة على هذا النوع من التوحيد قوله تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ﴾ [محمد: ١٩] الآية …


(١) إرشاد الثقات إلى اتفاق الشرائع على التوحيد والمعاد والنبوات: ٤.
(٢) هو العلامة محمد الأمين بن محمد المختار الجكني الشنقيطي، متفنن في علوم عدة، مبرّزاً في اللغة والتفسير، من مؤلفاته: أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، ومذكرة أصول الفقه على روضة الناظر، آداب البحث والمناظرة، وغيرها؛ توفي سنة ١٣٩٣ هـ. انظر: ترجمة تلميذه عطية سالم له في مقدمة كتابه أضواء البيان: ١/ ١٩، والأعلام: ٦/ ٤٥، وعلماء نجد خلال ثمانية قرون: ٦/ ٣٧١.

<<  <   >  >>