للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى، كما قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ [المائدة: ٥١]، فهذه في الموالاة الكبرى.

وبين الموالاة الصغرى كما جاء في "الصحيح" في قصة حاطب بن أبي بلتعة ، «لما أخبر المشركين بمسير النبي ، فقال النبي لما كشف أمره: ما هذا يا حاطب؟ قال: لا تعجل علي يا رسول الله، إني كنت حليفاً من قريش ولم أكن من أنفسهم، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم وأموالهم بمكة فأحببت إذا فاتني من النسب فيهم أن أصنع إليهم يداً يحمون قرابتي، وما فعلت ذلك كفراً ولا ارتداداً عن ديني، فقال النبي : إنه صدقكم، فقال عمر : دعني يا رسول الله فأضرب عنقه، فقال: إنه شهد بدراً، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» (١).

قال أبو محمد: لو كان قد كفر لحبط عمله ولو كان قد شهد بدراً، ولكن الحديث دليل قاطع على أنه لم يكفر، كما قاله جماهير شراح الحديث.

فهؤلاء عمموا تكفير جنود وعساكر وشرطة البلاد التي لا تحكم بما أنزل الله تعالى، عادّين فعلهم من الموالاة الكبرى، وفي ذلك نظر بين وتوسيع للتكفير بدون موجب" (٢).

ويقول زهير الذوادي: "يشكل مفهوم الولاء والبراء أحد الأسس التي ينبني عليها العقل الجهادي الإسلامي المعاصر (المستند إلى جذور مبدئية في الدين والفقه الإسلاميين). وهي مسألة من أخطر التحديات التي واجهها المسلمون عبر تاريخهم حسب القراءة الأصولية. إذ أنها أخذت طابع الأصل من أصول الدين ".

ثم قال: "في خصوص مسألة "الولاء والبراء" شكّل العقل الجهادي المعاصر مفهومه على أساس تأويل خاص لبعض تعاليم القرآن الواردة في بعض آياته. وكما هو الحال في باقي مفاهيم العقل الجهادي فإن التأويل الخاص، لا ينطلق من مضمون الآية في حد ذاتها وعلى ضوء أسباب وظروف نزولها لتحديد الجانب النسبي فيها وفصله عن الجانب العام والمطلق، بل أن


(١) أخرجه البخاري في صحيحه برقم (٣٧٨٥، ٣٩٣٩، ٤٥١١، ٥٧٨٩، ٦٤٢٦)، ومسلم في صحيحه برقم (٤٥٥٠).
(٢) مباحث في العذر بالجهل وإقامة الحجة: ٢٩٦ - ٢٩٧.

<<  <   >  >>