للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أعظم وأطم من مسألة الاستعانة والانتصار، بل هو تولية وتخلية بينهم وبين أهل الإسلام والتوحيد وقلع قواعده وأصوله، وسفك دماء أهله، واستباحة حرماتهم وأموالهم. هذا هو حقيقة الجاري والواقع، وبذلك ظهر في تلك البلاد من الشرك الصريح والكفر البواح ما لا يبقي من الإسلام رسماً يرجع إليه ويعول في النجاة عليه، كيف وقد هدمت قواعد التوحيد والإيمان، وعطلت أحكام السنة والقرآن؟ وصرح بمسبة السابقين الأولين من أهل بدر وبيعة الرضوان، وظهر الشرك والرفض جهراً في تلك الأماكن والبلدان؟ ومن قصر الواقع على الاستعانة بهم، فما فهم القضية، وما عرف المصيبة والرزية. فيجب حماية عرض من قام لله، وسعى في نصر دينه الذي شرعه وارتضاه، وترك الالتفات إلى زلاته والاعتراض على عباراته، فمحبة الله والغيرة لدينه ونصر كتابه ورسوله مرتبة علية محبوبة لله مرضية، يغتفر فيها العظيم من الذنوب، ولا ينظر معها إلى تلك الاعتراضات الواهية، والمناقشات التي تفت في عضد الداعي إلى الله، والملتمس لرضاه. وهبه كما قيل، فالأمر سهل في جنب تلك الحسنات: «وما يدريك؟ لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم» (١) " (٢).

فانظر إلى عباراته التي تدل على علم وفقه، ومراعاة لأحوال الناس ومعرفة بالواقع، وأن ما يصدر منهم فيه مراعاة للمصالح والمفاسد، وفق ما تقتضية الشريعة:

- " وكتمت عن الناس أول نسخة وردت علينا، حذراً من إفشائها وإشاعتها بين العامة والغوغاء".

- "وأنه وضع النصوص في غير موضعها، ولم يعط القوس باريها".

- "والرجل وإن صدر منه بعض الخطأ في التعبير، فلا ينبغي معارضة من انتصر لله ولكتابه وذب عن دينه، وأغلظ في أمر الشرك والمشركين، على من تهاون أو رخص وأباح بعض شعبه … "

- "مع الغفلة والذهول عن صورة الأمر والحقيقة".


(١) صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة ، باب من فضائل أهل بدر وقصة حاطب بن أبي بلتعة، برقم: ٢٤٩٤.
(٢) الدرر السنية: ٨/ ٣٦٩. وانظر: حقيقة الولاء والبراء في الكتاب والسنة: ١٢٢ - ١٢٦

<<  <   >  >>