للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معرفة معنى الولاء والبراء الوارد في كتاب الله وسنة نبيه ، وما يلزم من ذلك من الولاء للإيمان وأهله، والبراء من الشرك وأهله، فمن لم يعرف معنى الولاء والبراء جعلهما ليس من العقيدة حتى لا يقوم لازم ذلك من الولاء للمؤمنين والبراء من المشركين بشروطه وضوابطه.

الجواب عن هذه الدعوى:

أولا: سبق في المبحث الثاني من هذا الفصل بيان عقيدة أهل السنة والجماعة في الولاء والبراء، وأنه من مقتضيات كلمة التوحيد، فالولاء للإيمان وأهله، والبراء من الشرك وأهله، قال الله تعالى: ﴿بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١) فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (٢) وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٣)[التوبة: ١ - ٣].

وفي أعظم سورة في القرآن، التي يقرأها كل مسلم في كل ركعة من ركعات صلاته، يسأل المسلم ربه صراطه المستقيم، وأن يكون مع المنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وأن يجنبه المغضوب عليهم والضالين من اليهود والنصارى ومن سار على طريقهم (١)، قال الله تعالى: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)[الفاتحة: ٦ - ٧].

ثانيا: أن الدين يشمل جميع المسائل سواء كانت عقدية أو فقهية، والواجب العمل بالجميع، وكونها مسألة عقدية أو فقهية لا يغير حكمها الشرعي، قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾ [البقرة: ٢٠٨]، قال ابن جرير : " عن مجاهد في قول الله ﷿: ﴿ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾، قال: ادخلوا في الإسلام كافة، ادخلوا في الأعمال كافة" (٢).

وقال تعالى في ذم من يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعضه: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ


(١) تفسير ابن كثير: ١/ ١٤٠ - ١٤٣.
(٢) تفسير الطبري: ٤/ ٢٥٧.

<<  <   >  >>