للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [البقرة: ٨٥].

ثالثا: أنه لما كان الإسلام دين الله تعالى الحق، وما سواه من الأديان دين باطل، كان لابد أن تكون لعقيدة الولاء والبراء فيه مكانة عظمى، مرتبطة بأصل الإيمان، فلا بقاء للإيمان بغير ولاء وبراء، وذهاب الولاء والبراء يعني -بالضرورة- ذهاب الإيمان كله رأساً.

فالولاء والبراء شرط للإيمان، قال الله تعالى: ﴿تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (٨٠) وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (٨١)[المائدة: ٨٠ - ٨١].

قال ابن جرير : "من تولى اليهود والنصارى من دون المؤمنين فإنه منهم. أي من أهل دينهم وملتهم، فإنه لا يتولى متول أحداً إلا وهو به وبدينه وما هو عليه راض، وإذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما خالفه وسخطه وصار حكمه حكمه" (١).

وقال القرطبي في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾: " ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ﴾ أي يعضدهم على المسلمين ﴿فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ بين تعالى أن حكمه كحكمهم … ، ثم هذا الحكم باق إلى يوم القيامة في قطع الموالاة، وقد قال تعالى: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾ [هود: ١١٣]، وقال تعالى: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: ٢٨] " (٢).

وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي : "ذكر في هذه الآية الكريمة أن من تولى اليهود والنصارى من المسلمين فإنه يكون منهم بتوليه إياهم، وبين في موضع آخر أن توليهم موجب لسخط الله، والخلود في عذابه، وأن متوليهم لو كان مؤمناً ما تولاهم" (٣).


(١) المرجع السابق: ٦/ ٢٧٧.
(٢) تفسير القرطبي: ٦/ ٢١٧.
(٣) أضواء البيان: ٢/ ١١٠ - ١١١.

<<  <   >  >>