للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأضرب أعناقهم.

فدخل النبي ولم يرد عليهم شيئاً، فخرج رسول الله وقال: «يا أبا بكر مثلك مثل إبراهيم ، قال: ﴿فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [إبراهيم: ٣٦]، ومثلك يا عمر كمثل نوح ، قال: ﴿رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا﴾ [نوح: ٢٦]، أنتم عالة، فلا ينفلتن أحد منكم إلا بفداء أو ضرب عنق، فأنزل الله: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ﴾ … الآيتين [الأنفال: ٦٧]» " (١).

خامسا: أن الإمام محمد بن عبد الوهاب ذكر هذا الحديث في مختصره للإنصاف والشرح الكبير في كتاب الجهاد، حيث قال: "ولا يجوز لمن أسر أسيراً أن يقتله حتى يأتي به الإمام فيرى فيه رأيه، فإن خافه أو خاف هربه أو امتنع من الانقياد معه بالضرب، فله قتله.

فأما أسير غيره، فلا يجوز قتله، إلا أن يصير إلى حال يجوز فعله لمن أسره. فإن قتل أسيره أو أسير غيره أساء، ولا ضمان عليه؛ وبه قال الشافعي.

وقال الأوزاعي: إن قتله قبل أن يأتي به الإمام ضمنه. ولنا: قصة بلال هو وعبد الرحمن.

فإن قتل صبياً أو امرأة ضمن، لأنه صار رقيقا بالسبي. وإن ادعى الأسير الإسلام، لم يقبل إلا ببينة، فإن شهد معه واحد وحلف خلي. وقال الشافعي لا يقبل إلا بشهادة عدلين. ولنا: حديث ابن مسعود أنه قال يوم بدر: «لا يبقى منهم أحد إلا أن يفدى، أو تضرب عنقه». فقال ابن مسعود: إلا سهيل بن بيضاء، فإني سمعته يذكر الإسلام، فقال: «إلا سهيل».

والأسارى من المجوس وأهل الكتاب الذين يقرون بالجزية، يخير الإمام فيهم بين القتل والمن بغير عوض والمفاداة والاسترقاق، وعن مالك كمذهبنا.

وعنه: لا يجوز المن بغير عوض. وحكى عن الحسن وعطاء وسعيد بن جبير كراهية قتل الأسرى، وقال: منّ عليه أو فاداه كما فعل بأسارى بدر، ولأن الله تعالى قال: ﴿فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا


(١) الدرر السنية: ٨/ ١٥٦ - ١٥٧. وانظر: الكلام المنتقى مما يتعلق بكلمة لا إله إلا الله ضمن مجموعة الرسائل والمسائل النجدية: ٤/ ٨٥٠.

<<  <   >  >>