فلما أظهر الله هذه الدعوة السلفية على يد المجدد الإمام محمد بن عبد الوهاب ﵀ استنكرها الرعاع وأدعياء العلم والعوام، لأنها خالفت عوائدهم الشركية ومألوفاتهم البدعية، فلما دعاهم الإمام إلى وجوب إفراد الله تعالى بالعبادة وأنه لا يدعى ولا يستغاث إلا بالله وحده، فلا يستغاث بالأولياء أو الأنبياء، استنكر أولئك الجهال هذا الحق، وزعموا أن ذلك انتقاص للأنبياء والأولياء، فخالفوا الحق مع ظهوره وبيان أدلته ووضوح براهينه.
أما في الواقع المعاصر فإن غالب من يكتب عن الدعوة وأهلها - وخصوصا من الغربيين- يجهلون حالها، ولا يسعون لمعرفة حقيقة الدعوة، ويكتبون على حسب زعمهم وظنهم، تقول الصحفية باربرا فيرجيسون، وهي تتحدث عن جهل زملائها المراسلين الصحفيين الأمريكيين بواقع المنطقة وتعاملهم مع هذا الواقع بناء على صورة نمطية جاهزة:
"من وجهة نظر شخصية وتجربة صحفية أرى أن العديد من المراسلين الصحفيين الأمريكيين يجهلون تماماً واقع منطقة الشرق الأوسط. فعندما عملت صحفية مرافقة لمشاة البحرية الأمريكية أثناء عملية غزو العراق، كنت أتعجب من أن معظم زملائي، وبينما كانوا في انتظار إجراءات إلحاقهم بالوحدات العسكرية، كانوا يرفضون أو يعزفون عن معرفة أحوال المواطنين في البلد الذي سيقومون بتغطية الحرب فيه"(١).
كما أن بعض هؤلاء المراسلين الصحفيين، وبعض المسؤولين السياسيين والناشطين في مجال حقوق الإنسان، وبفعل تأثير الصورة النمطية المشوهة عن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب في مصادرهم، لا يستطيعون طرح ما يرونه من صورة إيجابية عن الدعوة في السعودية بصورة واضحة. ولذلك لما سُئل رئيس مجلس الشيوخ الكندي الدكتور نويل كنسيلا عن الحملة الإعلامية ضد السعودية في بعض الصحف الغربية على الرغم من أن كثيراً من الإعلاميين الغربيين لم يزر المملكة ويتعرف على الحقيقة عن قرب ومن مصادر مباشرة، قال:
"إن هذا أمر غير منطقي، لأنه لا ينبغي لمن لم ير الشيء بنفسه أن يتحدث عنه أو
(١) لماذا يحمل الغرب صورة مشوهة عن المرأة السعودية، ضمن بحوث نشرت في كتاب: السعوديون والإرهاب: رؤى عالمية: ١٦٥، وانظر: التغطية الإعلامية الغربية لتعامل المملكة العربية السعودية مع الإرهاب، ضمن بحوث نشرت في كتاب: السعوديون والإرهاب: رؤى عالمية: ٥٢١.