للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإلا لأقروا بالألوهية، وهذا يخالف ما ذهبوا إليه" (١).

ثم قال: "وتمييز الوهابية بين التوحيدين وقولهم بأن توحيد الربوبية يستلزم الألوهية، يدلّ على تغاير قسمي التوحيد، فيرون أنّ توحيد الربوبية يلزم من عدمه انتفاء توحيد الألوهية، لكن لا يلزم من وجوده تحقق التوحيد في الألوهية، فهو إذن شرط لتوحيد الألوهية والشرط خارج عن حقيقة الشيء مغاير له، ثم يقولون أنّ توحيد الألوهية متضمِّن لتوحيد الربوبية، ولا يلزم من تحقق التوحيد في الربوبية التوحيدُ في الألوهية، ولكن يلزم من انتفائه انتفاء التوحيد في الإلهية، فهو إذن ركنٌ لتوحيد الألوهية! فكيف يصبح توحيد الربوبية شرطاً للإلهية وركناً منه في نفس الوقت [كذا]؟! أليس هذا اضطراباً في الفهم!، ألا يعنى هذا أن الشيء صار شرطاً لأمر هو داخل فيه؟! فالشيء يكون ضمن غيره لا يستلزمه، لأن ذلك يعني استلزامه أمراً هو جزء منه أصلاً، فهل يُعقل أن يكون توحيد الربوبية مستلزماً أمراً هو جزء منه! فيكون جزء الشيء شرطاً له أو شرطه جزءاً من حقيقته! " (٢).

حقيقة هذه الدعوى:

هذه الدعوى لها تعلق بالدعوى السابقة من جهة تعريف التوحيد واستلزام توحيد الربوبية لتوحيد الألوهية، وتضمن توحيد الألوهية لتوحيد الربوبية.

فيزعم المناوئ لدعوة الإمام أن هذه الدعوة المباركة تقول: بأن توحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية، وهذا الأمر غير واقع في الحقيقة؛ لأنهم يقولون: إن المشركين يقرون بتوحيد الربوبية ومع ذلك لم يقروا بتوحيد الألوهية.

ثم يقول: وبناء على كلام أتباع هذه الدعوة المباركة فإن انتفاء اللازم - وهو توحيد الألوهية- يدل على انتفاء الملزوم - وهو توحيد الربوبية -، وهذا يدل على أن المشركين لم يقروا بتوحيد الربوبية؛ ليتوصل بذلك إلى تناقض أتباع الدعوة التي تقول بأن المشركين يقرون بتوحيد الربوبية. وأضاف في هذه الدعوى السؤال عن نوع هذا التلازم بين التوحيدين، هل هو عقلي


(١) الرؤية الوهابية للتوحيد: ٣٧ - ٣٨، وانظر: توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية، تحرير المعاني وضبط القواعد: ١٠٧، تحقيق مسائل مهمات من علم التوحيد والصفات: ١٠٦.
(٢) الرؤية الوهابية للتوحيد: ٣٨ - ٣٩.

<<  <   >  >>