للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرب الأكبر، وهذا ما كان يعتقده في معبوديهم معظم أصناف الذين كانوا يعبدون إلهاً أو آلهة من دون الله، فإن معظمهم كانوا يعبدونهم بناء على اعتقادهم أن الله تعالى قد فوض إليهم التصرف في بعض الأمور، وتخلى لهم عنها، بمعنى أن الله تعالى قد خولهم ربوبية صغيرة ومحدودة فاستحقوا بذلك أن يُعبدوا استعطافاً لرحمتهم، وابتعاداً عن غضبهم وسخطهم. فمن أجل أنهم اعتقدوا فيهم الربوبية اعتقدوا فيهم الإلهية" (١).

حقيقة هذه الدعوى:

هذه الدعوى قديمة، ولها تعلق بأصل الاسم الأحسن " الله"، هل هو مشتق أو ليس بمشتق؟ وما أصل اشتقاقه؟ وعليه فإنه يكون غير مشتق، ويكون معنى الإلهية أي أن الله المتصف بالصفات التي لأجلها استحق أن يكون معبودا، ففسره بتوحيد المعرفة والإثبات (٢). وهذا القول قد حكاه الرازي (٣) في شرحه لأسماء الله الحسنى وغيره (٤).

الجواب عن هذه الدعوى:

أولا: هذه الدعوة لها تعلق بالدعويين السابقتين من جهة تعريف التوحيد وقصره على توحيد الربوبية، ومن جهة استلزام توحيد الربوبية لتوحيد الألوهية، وفي هذه الدعوى زاد المناوئ التفريق بين توحيد الألوهية والإلهية، فجعل متعلق الإلهية اتصاف الرب بالصفات التي لأجلها


(١) تحقيق مسائل مهمات في علم التوحيد والصفات: ١٠١ - ١٠٢، وانظر: التقسيم الثلاثي للتوحيد بين الأشاعرة وابن تيمية، موقع المستنير، http:// www.almostaneer.com/ Pages/ BookDetails.aspx? ID=٢٠١ في ١٢/ ٩/ ١٤٣٨ هـ.
(٢) انظر: الكتاب لسيبويه: ٢/ ١٩٥، وتفسير ابن كثير: ١/ ١٢٢، وتفسير البحر المحيط: ١/ ٢، وتفسير القرطبي: ١/ ١٠٢، وبدائع الفوائد: ٢/ ٤٣٧، وفتح المجيد: ٧.
(٣) هو محمد بن عمر بن حسين القرشي التيمي الرازي، المعروف بالفخر الرازي ويقال له ابن خطيب الري، من كبار المتكلمين الأشاعرة، له مصنفات كثيرة، منها: مفاتيح الغيب، والمطالب العالية، والمباحث المشرقية، توفي سنة ٦٠٦. انظر: سير أعلام النبلاء: ٢١/ ٥٠٠، والبداية والنهاية: ١٧/ ١١.
(٤) انظر: شرح أسماء الله الحسنى: ١٢٤، وأصول الدين للبغدادي: ١٢٣.

<<  <   >  >>