للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استحق العبادة لا استحقاقه للعبادة، وجعل متعلق الألوهية فعل العبد، الذي هو العبادة، وأن هذا الأخير لحن. فصار الكلام مرده إلى مفهوم التوحيد وقصره على توحيد الربوبية.

ثانيا: أن معنى الإله في اللغة: مصدر أله يأله فهو إله، وقد بين الزجاجي معناه فقال: "فإله "فِعال" بمعنى "مفعول" كأنه مألوه أي معبود مستحق للعبادة يعبده الخلق ويؤلهونه" (١). فهو الذي يستحق العبادة، وهو الله تعالى المستحق لها دون من سواه (٢).

و "أصل إله ولاه من الوله والتحيّر وقد أبدلت الواو همزة لانكسارها فقيل: إله كما قيل وعا إعاء" (٣).

والتحيّر والوله يكون من العباد إلى الله تعالى، جاء في لسان العرب: "وأصله من أَلِه يأله إذا تحير، يريد إذا وقع العبد في عظمة الله وجلاله وغير ذلك من صفات الربوبية، وصرف وَهْمَه إليها، أبغضَ الناسَ حتى لا يميل قلبُه إلى أحد" (٤). فالتحيّر حصل لما له من استحقاق العبادة، وهو في حقيقته راجع للعبادة.

وجاء فيه أيضا: "وأصل إلهٍ وِلاهٌ، فقلبت الواو همزة كما قالوا للوشاح إشاح وللوجاح وهو الستر إجاح، ومعنى وِلاهٍ أن الخلق يَوْلَهُون إليه في حوائجهم، ويضرعون إليه فيما يصيبهم، ويفزعون إليه في كل ما ينوبهم كما يوله كل طفل إلى أمه" (٥). وهذا المعنى يعود -أيضاً- إلى المعنى السابق (٦).

ويلاحظ أن معاني الفعل (أله) تتنوع بحسب لزومه أو تعديه، كما أنه يختلف المعنى بحسب الحرف الذي عُدي به، لكن الجميع يرجع إلى معنى واحد عام وهو العبادة، ولهذا سمى


(١) اشتقاق أسماء الله: ٢٤.
(٢) انظر: تفسير أسماء الله الحسنى: ٢٦.
(٣) اشتقاق أسماء الله: ٢٦.
(٤) لسان العرب: ١٣/ ٤٦٧، وانظر: النهاية في غريب الحديث: ١/ ٦٢.
(٥) المصدر السابق: ١٣/ ٤٦٨.
(٦) انظر: القاموس المحيط: ١٦٠٣، ولسان العرب: ١٣/ ٤٦٩.

<<  <   >  >>