للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليك حجة بمعرفته تتعرف بخلقه، ثم وصف نفسه فقال: أنا الرب وأنا الرحمن وأنا الله وأنا القادر وأنا المالك فهو يوصف بصفاته ويسمى بأسمائه. قال الله تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [الإسراء: ١١٠]، وقال: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ﴾ [الأعراف: ١٨٠]، وقال: ﴿لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [الحشر: ٢٤]، فقد أمرنا الله أن نوحده، وليس التوحيد بالقياس؛ لأن القياس يكون في شيء له شبه ومثل، فالله تعالى وتقدس لا شبه له ولا مثل له تبارك الله أحسن الخالقين.

ثم قال: وكيف يدرك التوحيد بالقياس وهو خالق الخلق بخلاف الخلق ليس كمثله شيء . وقد أمرك الله ﷿ أن تؤمن بكل ما أتى به نبيه فقال: ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥٨)[الأعراف: ١٥٨]، فقد أمرك الله ﷿ بأن تكون تابعاً سامعاً مطيعاً ولو يوسع على الأمة التماس التوحيد وابتغاء الإيمان برأيه وقياسه وهواه إذاً لضلوا، ألم تسمع إلى قول الله ﷿: ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ﴾ [المؤمنون: ٧١]، فافهم ما فسر به ذلك" (١).

وهذا الأثر عظيم القدر مشتمل على أقسام التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية و توحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات.

وذكر الطحاوي (٢) في مقدمة متن عقيدته المشهور - العقيدة الطحاوية- أنه مشتمل على: "بيان عقيدة أهل السنة والجماعة على مذهب فقهاء الملة أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي، وأبي يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري، وأبي عبد الله محمد بن الحسن


(١) التوحيد لابن مندة: ٣/ ٣٠٤ - ٣٠٦، وانظر: الحجة في بيان المحجة: ١/ ١١١ - ١١٣، وتفسير الطبري: ١١/ ٥٣، ٦٠.
(٢) أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الطحاوي، له من المؤلفات: شرح مشكل الآثار، وأحكام القرآن وغيرهاتوفي سنة ٣٢١ هـ. انظر: شذرات الذهب: ٢/ ٢٨٨، والفوائد البهية في تراجم الحنفية: ٣١ - ٣٤.

<<  <   >  >>