للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كاقتضائها إنشاء حكم لم يكن فيه أو إسقاط بعض ما تضمنه اللفظ أول من حيث المعنى بأن يكون مخصصة لعمومه أو مقيدة لإطلاقه أو ما أشبه ذلك، فلسنا نعتدّها إلا زيادة وإن تضمنت نقصًا للوقوف في ذلك عند اللفظ. وإن أتى الاختلاف بلفظ مباين لغيره من الرواة من غير زيادة فإما أن تستوي أحوال الرواة عند هذا الاختلاف أو تتفاوت، فإن تفاوتت فالترجيح، وله وجوه، وإن تعذر تساوي الترجيح فالحديث حينئذٍ مضطرب لا يقوم له حجة. هذا إذا تبين أو غلب على الظنّ أن الواقعة التي ورد فيها ذلك الحكم واحدة، وإن لم يظهر ذلك، ولا مانع من أن يجعلهما واقعتين تفاوتا، واختلف الجواب عن حكمهما، وكان السائل عنهما واحدًا، أو كان الخبر بحكمهما عند واحد، ثم نقل الرواة عنه أو عمّن نقل عنه الحكمين مختلفين، فأوقع ذلك في النفس أنه اختلاف في واقعة واحدة وليس كذلك، وقد نحتاج إلى النظر في مدلول الألفاظ، وما تقتضيه من الجمع والتفريق.

إذا تبيّن ذلك فنقول:

أما أحاديث الوضوء فإن كان كلام أبي (١) عمر وأبي العباس (٢) يقتضي ردًّا، وقد اختلف مأخذهما؛ فأبو عمر عللها بالاضطراب، وأبو العباس يدعي الترجيح، ويأخذ على زعمه بالراجح، ومما حكاه أبو العباس (٣) عن النسائي (٤) أنه قال: ولا نعلم أحدًا قال في حديث هشام: "وتوضئي". غير حماد (٥). انتهى.


(١) كما في التمهيد (١٦/ ٩٩).
(٢) المفهم (١/ ٥٩١ - ٥٩٤).
(٣) المفهم (١/ ٥٩٤).
(٤) وهو في سننه كتاب الطهارة (١/ ١٣٤) برقم ٢١٧ باب الفرق بين دم الحيض والاستحاضة.
(٥) وتتمة عبارة النسائي في سننه (١/ ١٣٤): "وقد روى غير واحد عن هشام ولم يذكر فيه: وتوضئي".

<<  <  ج: ص:  >  >>