للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرآن لأنَّ فيه إخلال بالتعظيم، ولو جرى على لسانه ولم يقصد هذا ولا ذلك فلا يحرم أيضًا.

وكما تحرم القراءة على الجنب تحرم على الحائض للحديث السابق، ولأن حدثها أغلظ فيكون الحكم بالتحريم أولى، وعن مالك: أنها يجوز لها قراءة القرآن، وقد رواه أبو ثور عن أبي عبد الله، فمن الأصحاب من قال: أراد به مالكًا، ونفى أن يكون الجواز قولًا للشافعي، ومنهم من قال: أراد الشَّافعي، وهو قول له في القديم.

قال الشَّيخ أبو محمد: وجدت أبا ثور جمع بينهما في بعض المواضع؛ فقال: قال أبو عبد الله ومالك، فثبت نقل قوله الجواز، وتوجيهه خوف النسيان، وقد تكون معلمة، فلو منعناها عن القراءة، والحيض يعرض في كل شهر غالبًا لانقطعت عن حرفتها بخلاف الجنابة، فإنَّه يمكن إزالتها في الحال.

وهذا القول يجري في النِّفاس أيضًا.

الثَّاني: المكث في المسجد وهو حرام على الجنب؛ لما روي أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا أحل المسجد لحائض ولا جنب".

ولا يحرم العبور؛ قال الله تعالى: {وَلَا جُنُبًا إلا عَابِرِي سَبِيلٍ}، والمعنى الفارق بين المكث والعبور أن العبور في المسجد لا قربة فيه، وفي المكث قربة الاعتكاف، فمنع منه الجنب.

ثم قد يعذر في المكث عند الضرورة كما لو نام في المسجد فاحتلم، ولم يتمكن من الخروج لإغلاق الباب أو للخوف من العسس أو غيره على النَّفس والمال، فليتيمم في هذه الحالة تطهيرًا وتخفيفًا للحدث بقدر الإمكان، هذا إذا وجد توابًا غير تراب المسجد ولا يتيمم بترابه (١).


(١) زاد في فتح العزيز لكن لو تيمم به صح.

<<  <  ج: ص:  >  >>