للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاء الله تعالى.

قال الخطابي (١): الكاهن هو الذي يدعي مطالعة علم الغيب، ويخبر الناس عن الكوائن، وكان في العرب كهنة يدّعون أنهم يعرفون كثيرًا من الأمور، فمنهم من كان يزعم أن له رئيًا من الجن وتابعةً تلقي إليه الأخبار، ومنهم من كان يدّعي أنه يستدرك الأمور بفهم أعطيه، وكان منهم من يسمى عرّافًا، وهو الذي يزعم أنه يعرف الأمور بمقدمات أسباب يستدل بها على مواقعها كالشيء يسرق فيعرف المظنون به السرقة، وتتهم المرأة بالريبة فيعرف من صاحبها، ونحو ذلك من الأمور، ومنهم من كان يسمى المنجم كاهنًا.

فالحديث قد يشتمل على النهي عن إتيان هؤلاء كلهم، والرجوع إلى قولهم وتصديقهم على ما يدعونه من هذه الأمور، ومنهم من كان يدعو الطبيب كاهنًا، وربّما دعوه أيضًا عرّافًا.

قال أبو ذؤيب:

يقولون لي لو كان بالرمل لم يمت ... ونبيشة والكهان يكذب قيلها

وقال آخر:

جعلت لعراف اليمامة حكمه ... وعراف حجر إن هما شفياني

فهذا غير داخل في النهي وإنما هو مغالطة في الأسماء، وقد أثبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الطب وأباح العلاج والتداوي .. انتهى.

وروى أبو (٢) داود هذا الحديث عن موسى بن إسماعيل وعن مسدّد كلاهما


(١) معالم السنن (٤/ ٢٢٩) ونقله عنه النووي في تهذيب الأسماء واللغات (٣/ ٢٩٩).
(٢) السنن (٤/ ١٤٥) برقم ٣٩٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>