للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحال في الصحارى، كما حدث أبو أيوب، وفي البيوت، كما حدث ابن عمر، لا أنهما مختلفان.

قال الشيخ أبو العباس القرطبي: وقد ذهب بعض من منع استقبال القبلة واستدبارها مطلقًا: إلى أن حديث ابن عمر، لا يصلح لتخصيص حديث أبي أيوب، لأنه فِعْل في خلوة، وهو محتمل للخصوص، وحديث أبي أيوب قول، قُعِّدت به القاعدة، فبقاؤه على عمومه أولى.

والجواب:

أما فعله - عليه السلام -، فأقل مراتبه أن يحمل على الجواز بدليل مطلق اقتداء فعل الصحابة به، وبدليل قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}، وبدليل قوله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة حين سألتها المرأة عن قبلة الصائم: "ألا أخبرتيها أني أفعل ذلك؟ "، وقالت عائشة: [فعلته] أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - - فاغتسلنا؛ تعني: التقاء الختانين.

وقبل ذلك الصحابة، وعملوا عليه، وأما كون هذا الفعل في خلوة فالحدث كله كذلك؛ لا يفعل إلا في خلوة، ويمنع أن يفعل في الملأ ومع ذلك، فقد نقل وتحدث به، سيما وأهل بيته كان ينقلون ما يفعله في بيته من الأمور المشروعة.

وأما دعوى الخصوص:

فقال أبو العباس: لو سمعها النبي - صلى الله عليه وسلم - لغضب على مدعيها، كما قد غضب على من ادعى تخصيصه بجواز القُبلة، حتى قال: "والله إني لأخشاكم لله، وأعلمكم بحدوده"، في كلام كثير، ذكره أبو العباس.

ويكفينا في رد دعوى الخصوصية: أن الأصل عدمها، ولعل ما قد يتطرق إلى حديث ابن عمر، وحديث جابر، من هذه الاحتمالات -وإن كانت ضعيفة- هو

<<  <  ج: ص:  >  >>