للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا لم يثبت أن التراب نقل، وثبت تيقننا أن المقصود التطهير وجب الحكم بطهارة تلك البلة.

وثانيهما: أن الماء المصبوب لا بد أن يتدافع عند وقوعه على الأرض، ويصل إلى محل لم يصبه البول مما يجاوره، فلولا أن الغسالة طاهرة لكان الصب ناشرًا للنجاسة، وذلك خلاف مقصود التطهير، وقد كان يمكن أن يستدل على طهارة مطلق الغسالة سواءً كانت على الأرض أو غيرها بناءً على أنه لا فارق، وأن غير الأرض في معنى الأرض التي هي محل النص، لكن الحنابلة فرقوا بين الأرض وغيرها، فالمنفصل غير متغير من الغسلة التي طهرت الأرض بها طاهر، وذكر بعضهم أنه رواية واحدة، وإن كان غير الأرض فوجهان.

وقد ذكرنا مأخذ الجمهور، وإلحاق ما هو في معنى الأرض به، ولعل سبب التفرقة عند من يراها اتباع القياس في تنجس الغسالة بحلول النجاسة بها مع قلتها، ويخرج الأرض بالنص، فتبقى فيما عداه على القياس.

وذكر بعض (١) الحنابلة أنه إنما يحكم بطهارة المنفصل من الأرض إذا كانت قد نشفت أعيان البول، فإن كانت الأعيان قائمة وجرى الماء عليها طهرها، وفي المنفصل روايتان كالمنفصل عن غير الأرض، وكونه نجسًا أصح في كلامه، وقال غيره منهم: والأولى الحكم بطهارته لأن النبي - عليه السلام - أمر بغسل بول الأعرابي عقيب بوله، ولم يشترط النشوفة.

وقد اختلف (٢) أصحابنا في طهارة الأرض قبل نضوب الماء عنها في مثل هذه الصورة، ويمكن أن يستدل على عدم اشتراط النضب (٣) بالحديث، وطريقه أن يحصل


(١) الإمام (ل / ٦٤).
(٢) الإمام (ل / ٦٥).
(٣) عند ابن دقيق العيد نضوب بدل نضب.

<<  <  ج: ص:  >  >>