للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امتثال الأمر بصب ماء الذنوب على الأرض لحصول مسمى ما تعلق به الأمر وفعل المأمور به يقتضي الإجزاء، وهذا ضعيف؛ لأن فعل المأمور به يقتضي الإجزاء بالنسبة إلى ما تعلق به الأمر، والذي تعلق به الأمر الصب، وهذا الفعل يقتضي الإجزاء في الأمر بالصب لا في تطهير الأرض، إلا أن يدعي (١) مدعٍ أن الأمر وإن كان بالصب إلا أنه لمقصود التطهير فيحصل التطهير على هذا التقدير، أعني على تقدير اعتبار معنى التطهير في هذا الأمر، والذين اشترطوا النضوب بنوه على نجاسة الغسالة واشتراط العصر، وأن عصر كل شيء على حسبه. وبهذه الطريق أيضًا يوجد عدم اشتراط الجفاف، وفيه من البحث ما تقدم، وقد توجه منه أن العصر في الثوب المغسول من النجاسة لا يجب، وطريقه أن يقال: لو وجب العصر في الثوب لتوقفت طهارة الأرض على النضوب، ولا تتوقف لما ذكرناه فلا يجب العصر، بيان الملازمة أن النضوب في الأرض قائم مقام العصر في الثوب كما ذكرنا لأن عصر كل شيء على حسبه، فلو وجب النضوب الذي هو في الأرض بمنزلة العصر في الثوب لوجب العصر في الثوب (٢).

وقد اختلف الناس في الأرض إذا أصابتها النجاسة هل تطهر بالجفاف وشروق الشمس عليها أو لا تطهر إلا بالماء؟

والأول: محكي عن أبي قلابة وأصحاب الرأي أنه إذا أشرقت عليها الشمس حتى ذهب أثر النجاسة تطهر، وقد يستدل به من قال: لا تطهر إلا بالماء ووجهه أن الأمر بصب الماء على الأرض والمقصود به التطهير فلا يحصل الامتثال إلا به، والاعتراض عليه أن ذكر الماء لوجوب المبادرة إلى تطهير المسجد وتركه إلى


(١) وفي الإمام إلا أن يقال بدل أن يدعي مدع.
(٢) الإمام (ل / ٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>