ووسط الفلك إذا استوقن ذلك في الأرض بالتفقد والتأمل، وذلك ابتداء زيادة الظل بعد تناهي نقصانه في الشتاء والصيف، وإن كان الظل مخالفًا في الصيف له في الشتاء، فإذا تبين زوال الشمس بما ذكرنا أو بغيره، فقد دخل وقت الظهر، هذا ما لم يختلف فيه، وهو تفسير قوله تعالى:{أقم الصلاة لدلوك الشمس}؛ ودلوكها ميلها عند أكثر أهل العلم، ومنهم من قال: دلوكها غروبها، واللغة محتملة للقولين، والأول أكثر، ويذكر عن ابن عمر وابن عباس وأنس بن مالك وأبي برزة وعائشة والحسن البصري، وكذا نقل أبو بكر محمد بن حسن الزبيدي وأبو الحسين بن فارس أنه الزوال.
وممن ذهب إلى أنه الغروب أبو حنيفة، وهو قول مروي عن علي وابن مسعود وغيرهما، وهو اختيار ابن قتيبة في تفسير الدلوك، وقد نقل الأزهري والجوهري وغيرهما القولين، وقال بعض أهل العلم: دلوكها من زوالها إلى غروبها.
والمراد بالزوال ما يظهر لنا لا الزوال في نفس الأمر، فإن ذلك متقدم على ما يظهر، وما قبل الظهور معدود من وقت الاستواء، فلو شرع في تكبيرة الإحرام بالظهر قبل ظهور الزوال ثم ظهر عقيبها أو في أثنائها لم تصح الظهر، وكذا الصبح إذا علم وقوع التكبيرة بعد الطلوع في نفس الأمر، لكن في وقت لا يتصور أن يتبين الفجر فيه للناظر لم يصح الصبح، ذكر معناه إمام الحرمين.
وأما آخر وقت الظهر فمختلف فيه على ما سنذكره في الباب بعد هذا إن شاء الله تعالى.
وللظهر ثلاثة أوقات: وقت فضيلة، ووقت اختيار، ووقت عذر، فوقت الفضيلة أوله، ووقت الاختيار ما بعد وقت الفضيلة إلى آخر الوقت على ما يأتي بيانه في الباب بعد هذا، ووقت العذر وقت القصر في حق من يجمع بسفر أو مطر.