للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خاطبهم بما علموه وما هو مشهور عندهم.

الثالثة: اشتغال النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة ذلك اليوم، قالوا: يحتمل أن يكون نسيانًا لشغله بالعدو، ويحتمل أن يكونوا لم يمكنوه منها ولم يفرغوه لها، ويحتمل أن يكون أخّرها قصدًا لاشتغاله بالعدو.

والأول عندي بعيد، لأن أبا سعيد الخدري يقول: حتى كفينا وذلك قول الله عزَّ وجلَّ: {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ} (١) [الأحزاب: ٢٥].

الرابعة: فيؤخذ منه على هذا جواز التأخير في مثل هذه الحالة من الخوف، وقد اختلف الناس في ذلك، هل هو منسوخ بصلاة الخوف أم لا؟

فالجمهور على النسخ، وذهب مكحول وغيره من الشاميين إلى جواز تأخير صلاة الخوف إذا لم يُتمكن من أدائها في الوقت إلى وقت الأمر، والصحيح الأول لأن أبا سعيد يقول في حديثه: وذلك قبل أن ينزل الله في صلاة الخوف {فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: ٢٣٩].

الخامسة: لفظة كاد وهي من أفعال المقاربة، فإذا قلنا: كاد زيد يقوم، فالمفهوم منها أنه قارب القيام ولم يقم، حتى قال فيها المعري ملغزًا:

أنحوي هذا العصر أية كلمة ... جرت بلساني جرهم وثمود

إذا نُفِيَت والله أعلم أثبتت ... وإن أثبتت قامت مقام جحود

وقد تدل على النفي إذا وردت بصيغته وهو قليل كقول ذي الرمة:

إذا غير النأي المحبين لم يكد ... رسيس الهوى من حب مية يبرح

معناه لم يبرح ولم يكد يبرح، فنفى الفعل ومقاربته، ولذي الرمة في هذا


(١) سبق أول هذا الباب، وأن ابن خزيمة صححه.

<<  <  ج: ص:  >  >>