وإن كان اجتماعهم واشتغالهم كلهم بالعدو فيما يغلب على الظن، يبعد ذلك فيقربه ما سنذكره.
الثامنة: قوله: "والله ما صلينا" ذكر فيه معنيان:
أحدهما: أن ذلك لفرط أسفه عليها وتذكرها حينئذ.
الثاني: أن ذلك كان تطييبًا لقلب عمر رضي الله عنه، فإنه شق عليه تأخير العصر إلى قريب الغروب، فأخبره النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يصلها بعد ليكون لعمر به أُسوة، وأكد ذلك الخبر باليمين.
التاسعة: فيه دليل على جواز اليمين من غير استحلاف، بل هي مستحبة إذا اقتضت مصلحة من زيادة طمأنينة أو نفي توهم، وذلك كثيرة في الحديث، وكذلك القسم من الله كقوله:{وَالذَّارِيَاتِ}، {وَالطُّورِ}، {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ}، {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}، وما أشبه ذلك. وكل هذا لتفخيم المقسم وتوكيده.
العاشرة: وإذا كان هذا هو المقتضي لليمين، ففيه ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - من كرم الأخلاق وحسن التأني مع أصحابه وتألفهم وما ينبغي من الاقتداء به في ذلك، {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}.
الحادية عشرة: فيه استحباب قضاء الفوائت في الجماعة، وخالف فيه الليث بن سعد وهذا الحديث والحديث في الباب قبل هذا يقتضيانه وقد تقدم.
الثانية عشرة: الإقامة للصلاة الفائتة وقد تقدم اختلاف الناس في الإقامة والأذان لذلك في الباب قبل هذا، وحكى أبو عمر عن بعض من يقول يؤذن لها ويقام أنه أجاب عن ما في حديث ابن مسعود وأبي سعيد من الإقامة للصلوات الأربع الفائتة أن من جملتها صلاة العشاء قال: وهي مفعولة في وقتها ليست بفائتة ولابد لها من الأذان، فدل ذلك على أن قوله ثم أقام فصلى العشاء أنه إنما أراد إقامتها