للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباب [السابق] في النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر وقد ذكر فيه عن جماعة كبيرة من الصحابة يبعد أن يكون عنده [فيه] شيء عن غيرهم ولا يذكره غير أنه ذكر هناك بصيغة الجزم فقال: وفي الباب عن فلان وفلان، وهاهنا لم يجزم حيث قال: ورُوي فقد يكون عنده في ذلك شيء لم يثبت عنده ثبوت ما سبق في الباب قبله. فيه مسائل:

الأولى: المشهور في (إنما) اقتضاؤها الحصر وينشدون عليه قول الشاعر (١):

أنا الفارس الحامي الذمار وإنما ... يقاتل عن أحسابهم أنا أو مثلي

ولفظ حديث الباب هنا: إنما صلى الركعتين بعد العصر، لأنه أتاه مال فشغله، فيقتضي حصر السببية في ذلك.

وكذا جاء عند ابن ماجه (٢) وعن غيره أنه بعث ساعيًا، وكان يهمه أمر المهاجرين إذ ضرب الباب فخرج فصلى الظهر، ثم جاء فقسم ما جاء به، فلم يزل كذلك حتى صلى العصر، ثم دخل منزله فصلى ركعتين، ثم قال: "شغلني أمر الساعي أن أصليهما بعد الظهر، فصليتهما بعد العصر"، لفظ الطبراني.

والذي ثبت في الصحيح أن أم سلمة أرسلت الجارية إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصليهما بعد العصر، فقالت: قومي بجنبه فقولي له: تقول أم سلمة: يا رسول الله إني سمعتك تنهى عن هاتين الركعتين وأراك تصليهما فإن أشار بيده فاستأخري عنه قال: ففعلت الجارية فأشار بيده فاستأخرت عنه فلما انصرف قال: "يا بنت أبي أمية سألت عن الركعتين بعد العصر، إنه أتاني ناس من عبد القيس


(١) هو الفرزدق.
(٢) "السنن" (١١٥٩) واستنكره الشيخ، وخالف في ذلك البوصيري الذي حسنه في "المصباح"، وإنما استنكر زيادة ليس عند ابن ماجه، فتنبه، وقارن مع "الإرواء" (٢/ ١٨٨). وانظر "المعجم الكبير" (٢٣/ ٩٢٩) للطبراني.

<<  <  ج: ص:  >  >>