للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه مسائل:

الأولى: المراد بالأذانين الأذان والإقامة فهو من باب التغليب، كالعمرين والقمرين، قال:

أخذنا بآفاق السماء عليكم ... لنا قمراها والنجوم الطوالع (١)

يريد الشمس والقمر فغلب محل التذكير إذ القمر مذكر والشمس مؤنثة وكذلك التغليب في الأذان والإقامة طلبًا للخفة إذ المذكر أخف من المؤنث.

الثانية: قد يؤخذ منه أن الأمر للوجوب لتعليقه إياه بالمشيئة وبقائه بعد التعليق على الندب والاستحباب والمختار عند الأكثرين أن صيغة أفعل للترجيح المانع من النقيض وقال أبو هاشم: هي للندب، وقال المرتضى: هي مشتركة للوجوب والندب وقال غيره: هي إما للوجوب أو للندب أو لهما فخفي علينا فتوقفنا هذه طريقة الغزالي لكن معناها هاهنا أمر زائد على مطلق الأمر وهو تكراره في قوله: "صلوا قبل المغرب ركعتين، صلوا قبل المغرب ركعتين". في لفظ البخاري.

وفي قوله في حديث مسلم: "بين كل أذانين صلاة بين كل أذانين صلاة" حتَّى قال في الثالثة أو في الرابعة: "لمن شاء". والمختار عند الأكثرين أن مثل هذا من التكرار يفيد شيئًا آخر لأن إيجاب الثاني لتناول الأول تحصيل الحاصل وهو محال والمنقول عن أبي الحسين البصري في مثل هذا التوقف.

الثالثة: في استحباب الركعتين قبل صلاة الغرب وفي هذه المسألة وجهان لأصحابنا أشهرهما لا يستحب وأصحهما عند بعض المتأخرين يستحب وإن لم يكونا من الرواتب، وللسلف في المسألة مذهبان فاستحبهما جماعة من الصحابة والتابعين


(١) هذا الشعر للفرزدق، فانظر قصته فيه في "تاريخ ابن عساكر" (١٧/ ١٧٣)، "غريب الحديث" لابن قتيبة (٣/ ١٠٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>