للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وممن بعدهم أحمد وإسحاق ولم يستحبهما الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ومن الفقهاء مالك وأبو حنيفة وقال النخعي: هما بدعة ولعله لم يبلغه الحديث في ذلك وظاهر هذه الأحاديث أن فعل هذه الصلاة قبل المغرب كان أمرًا أقر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه عليه وأنهم عملوا بذلك وتضافروا عليه حتَّى كانوا يبتدرون السواري لذلك وهذا يدل على الجواز وعدم الكراهية بل على الاستحباب.

الرابعة: من لم ير الاستحباب في ذلك يستدل بالاستثناء في حديث ابن بريدة عن أبيه وفيه: "إلا المغرب" وهذا الاستثناء وإن خالف فيه حيان بن عبيد الله البصري الثقات الحفاظ من أصحاب عبد الله بن بريدة وحاله لا تحتمل مثل هذا التفرد فإنه قد عضده عمل الخلفاء الأربعة عليه ومن ذكرنا من السلف فقوي بذلك.

الخامسة: قال الشيخ محيي الدين رحمه الله: وزعم بعضهم يعني بعض من أنكر هاتين الركعتين في جواب هذه الأحاديث أنها منسوخة ثم قال: وأما من زعم النسخ فهو مجازفة لا يصار إليه إلا إذا عجزنا عن التأويل والجمع بين الأحاديث وعلمنا التاريخ وليس هنا شيء من ذلك انتهى.

وليس دعوى النسخ فيها ببعيد لثبوت أصلها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن الصحابة قولًا وفعلًا ثم عارض تلك الأحاديث حديث ابن بريدة عن أبيه وفيه: إلا المغرب. وما روى طاوس عن ابن عمر أنَّه سئل عن الركعتين قبل المغرب، فقال: ما رأيت أحدًا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصليهما ... ، الحديث رواه أبو داود. ولما كان التاريخ عندنا مجهولًا ونظرنا فيما استمر عليه عمل الخلفاء الراشدين بعده فإذا هو ترك العمل عملنا أن آخر الأمرين ترك العمل. وقد نقلت فيما سلف في هذا الكتاب عن بعض السلف إذا تعارضت الأحاديث ولم يعلم الناسخ فيها من المنسوخ فانظر ما عمل به أبو بكر وعمر بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو الناسخ وهذا ظاهر ولم يبق أكثر من

<<  <  ج: ص:  >  >>