يقتضي وجود فضيلة في صلاة الفذ، لأن ما لا يصح لا فضيلة فيه.
فإن قيل إن صيغة أفعل قد ترد من غير اشتراك في الأصل كما قيل في قوله تعالى:{أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرًا وأحسن مقيلًا}.
فالجواب: أن مثل ذلك على قلته في الكلام إنما يكون عند الإطلاق وأما إذا حصل التفاضل بزيادة عدد معين اقتضى ولا بد أن يكون ثم جرْء معدود تزيد عليه أجزاء أخر كما إذ قلنا هذا العدد أزيد من ذاك بكذا وكذا فلا بد من وجود أصل العدد وجزء معلوم في الآخر.
ويزيد ذلك وضوحًا لفظ حديث أبي هريرة حيث قال: صلاة الرجل في الجماعة تزيد على صلاته وحده. فإن ذلك يقتضي ثبوت شيء يزاد عليه.
وقد اختلف الناس في الجماعة هل هي سنة أو فرض كفاية أو فرض [عين] أو هي شرط في صحة الصلاة كما سنذكره في الباب بعد هذا.
ومن ادعى فرضية الصلاة في الجماعة يحمل لفظ الفذ هنا على الفذ العذور في التخلف عن الجماعة ولا يستقيم له ذلك، لأن الفذ معرف بالألف واللام فيعم الفذ المعذور وغيره، فإخراج غير المعذور تخصيص من غير مخصص.
قال أبو عمر: لا يخلو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ" من أحد ثلاثة أوجه:
إما أن يكون المراد بذلك صلاة النافلة أو يكون المراد بذلك من تخلف من عذر أو يكون المراد من تخلف من غير عذر.
وقد ثبت عن النبي - عليه السلام -: "صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة" فعلمنا بذلك أنه لم يرد بحديث الباب صلاة النافلة