للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثالث في الفوائد والمباحث:

فيه مسائل:

الأولى: اختلف الناس في استحباب أدعية الافتتاح في الصلاة، فقال بالاستحباب جمهور العلماء أخذًا بأحاديث الباب، وقال مالك: لا يأتي بدعاء الاستفتاح، ولا بشيء من القراءة والتكبير أصلًا بل يقول: الله أكبر الحمد لله رب العالمين إلى آخر الفاتحة، وله: حديث أنس كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين، وحديث المسيء صلاته حين قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أردت الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن" وكلاهما صحيح.

ويمكن أن يجاب عن الأول بأن المراد افتتاح القراءة وكذلك في بعض ألفاظه: يفتتحون الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين.

وأما حديث المسيء صلاته فبأن النبي - عليه السلام - إنما علمه الفرائض فقط، وهذا ليس منها، وأدعية الافتتاح ثابتة لا يُعارَض ثبوتها بسكوت من لم يذكرها ولا بنفي من نفاها، على أنه ليس في الخبرين ما يقتضي نفيها، ولو كان لكان من أثبت حجة على من نفى، وافتتاح القراءة بالحمد لله رب العالمين لا يدخل تحته الدعاءُ قبل القراءة، لأن مسمّى القراءة غير مسمى الدعاء، فقد كان - عليه السلام - يفتتح الصلاة بالتكبير، ثم يذكر ما صح عنه من الذكر، ثم يفتتح القراءة بالحمد لله رب العالمين، فالذكر هنا زيادة على تلك الأخبار جاءت عن ثقات ولا سبيل إلى ردها إلا بمعارض ينهض بذلك، وقد روي ذلك عن جماعة من الصحابة والتابعين والعلماء، منهم عمر وابن مسعود وعلي بن أبي طالب - عليه السلام - وابن عمر وطاوس، وهو قول الأوزاعي وسفيان وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>