للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرحمن الرحيم ونقله الواحدي في أسباب النزول عن الحسن وعكرمة فلا يثبت شيء من ذلك.

وأما الجواب عن حديث أنس عند مسلم فلم أسمع أحدًا منهم يقرأ ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، ويستطرد الكلام عليه الكلام على مسألة الجهر والإسرار بالبسملة. فقال بعضهم: هذه رواية للفظ الأول بالمعنى الذي فهمه الراوي وعبّر عنه على قدر فهمه، فإن اللفظ الأول الذي اتفق الحفاظ عليه: فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين كذا هو عند البخاري وأبي داود والترمذي، والمراد به اسم السورة كما سبق ورواه الدارقطني فقال: فكانوا يستفتحون بأم القرآن فيما يجهر به، وقال: هذا صحيح وهو صريح لتأويلنا فقد ثبت الجهر بالبسملة عن أنس وغيره كما سبق فلا بد من تأويل ما ظاهره خلاف ذلك، قال الشيخ أبو محمد المقدسي: ثم للناس في تأويله والكلام عليه خمس طرق:

الأولى: وهي التي اختارها ابن عبد البر أنه لا يجوز الاحتجاج به لاضطرابه واختلاف ألفاظه مع تغاير معانيها، قال مرة: يفتتحون بالحمد لله رب العالمين، ومرة: لا يجهرون ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، ومرة: لا يقرؤونها، ومرة: لم يسمعهم يقرؤونها، ومرة قال وقد سئل عن ذلك: كبرت ونسيت، فحاصل هذه الطريقة أنا نحكم بتعارض الروايات ولا نجعل بعضها أولى من بعض فنسقط الجميع.

ونظير ما فعلوا في رد حديث أنس هذا ما نقله الخطابي في "معالم السنن" عن أحمد بن حنبل أنه رد حديث رافع في المزارعة بالاضطراب.

الثانية: أن يرجح بعض ألفاظ هذه الروايات على باقيها ويرد ما خالفها إليها وإذا فعلنا ذلك فلا نجد الرجحان إلا للرواية التي على لفظ حديث عائشة: أنهم كانوا يفتتحون بالحمد أي السورة وهذه طريقة الشافعي ومن تبعه، لأن أكثر الرواة على هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>