للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللفظ، فكأن أنسًا أخرج هذا الكلام مستدلًا به على من يجوّز قراءة غير الفاتحة ويبدأ بغيرها، ثم افترقت الرواة عنه، فمنهم من أداه بلفظة فأصاب ومنهم من فهم منه حذف البسملة فعبر عنه بقوله كانوا لا يقرؤون أو: فلم أسمعهم يقرؤون البسملة، ومنهم من فهم الإسرار فعبر به، فإن قيل: إذا اختلفت ألفاظ حديث قضي بالمبين منها على المجمل فإن سلم أن رواية يفتتحون بالحمد مجملة فرواية لا يجهرون تبين المراد.

قلنا: ورواية بأم القرآن تعين المعنى الآخر فاستويا وسلم لنا ما سبق من الأحاديث المصرحة بالجهر عن أنس وغيره، وتلك لا تحتمل تأويلًا، وهذه أمكن تأويلها بما ذكرناه، فأولت وجمع بين الروايات وألفاظها.

الثالثة: ليس في هذه الروايات ما ينافي أحاديث الجهر الصحيحة السابقة، أما الرواية المتفق عليها فظاهرة، وإما لا يجهرون فيحمل على نفي الجهر الشديد الذي نهى الله تعالى عنه بقوله: {ولا تجهر بصلاتك}، فنفى أنس الجهر الشديد بدليل أنه هو روى الجهر، وأما رواية يسرون فلم يُرد راويها حقيقة الإسرار وإنما أراد التوسط فيه وهو اختيار ابن خزيمة، وهذا معنى ما روي عن ابن عباس: الجهر ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قراءة الأعراب أراد الجهر الشديد لجفائهم لأنه ممن يرى الجهر.

الرابعة: ورجحها ابن خزيمة أن ترد جميع الروايات إلى معنى أنهم كانوا يسرون بالبسملة دون تركها، وقد ثبت الجهر بها بالأحاديت السابقة عن أنس، فكأن أنسًا بالغ في الرد على من أنكر الإسرار بها فقال: أنا صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه فرأيتهم يسرون بها أي وقع ذلك منهم مرة أو مرات لبيان الجواز ولم يرد الدوام بدليل ما ثبت عنه من الجهر روايةً وفعلًا كما سبق.

الخامسة: أن يقال نطق أنس بكل هذه الألفاظ المروية في مجالس متعددة

<<  <  ج: ص:  >  >>