للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يستفاد هذا المعنى الذي ذكرته من تبويب الترمذي باب في الاستنجاء بالحجرين لا سيما وقد تقدم عنده باب في الاستنجاء بالحجارة فقصد المغايرة بين الحكمين في البابين ولو صحت عنده الزيادة في طلب الحجر الثالث لدخل حديث هذا الباب في الباب قبله ويبعد أن يقال لعلمه: لم يصر عليها، فإنها من طريق معمر وهو قد نبه في كلامه على هذا الحديث على طريق معمر.

وأما طلبه - عليه السلام - الثلاثة أولًا فلعله بطريق الأولوية والتحري أو ليستعمل منها ما تدعو الحاجة إلى استعماله، ويرفض ما عداه أو خشية من أنَّ يقع مثل ما وقع، فاستظهر بطلب زيادة على المقصود لذلك.

وأما طهارة ما يستنجى به فمستفاد من تعليله - عليه السلام - إلقاء الروثة بأنها ركس. وقد سبق تفسير الركس بالنجس، وإلى اشتراط الطهارة ذهب مالك والشافعي (١) وغيرهما (٢).

ولم يره أبو حنيفة رحمه الله شرطًا (٣).

واحتج أصحابنا بحديث النهي عن الروث والرمة، وما في معناه، وقالوا: ولأن النجاسة لا تزال بالنجس كما لا يزال بالماء النجس ولا فرق بين نجس العين كالروث وما تنجس بعارض.

وقد قال الشافعي رحمه الله: ولا يستنجى بحجر قد مسح به مرة إلا أن يكون قد طهره بالماء (٤).


(١) انظر كلام الشافعي هذا في "الأم" (١/ ١٩) و "فتح العزيز وشرح الوجيز" (١/ ٤٩١).
(٢) وهو كما قال، وانظر لذلك "الاستذكار" لابن عبد البر (١/ ١٧٤) و "المغني مع الشرح الكبير" (١١/ ١٧٨).
(٣) انظر "الاستذكار" (١/ ١٧٤).
(٤) انظر "الأم" (١/ ١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>