للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "العينان تزنيان، والفمُّ يزني ونحو هذا إلى أشياء يطول ذكرها.

وحجَّةُ من أوجبهما في الوضوء وفي غسل الجنابة جميعًا: أنَّ الله عزَّ وجلَّ قال: {وَلَا جُنُبًا إلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} كما قال: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}. فما وجب في الواحد من الغسل، وجب في الآخر (١)، والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لم يُحفَظْ عنه أنه ترك المضمضة والاستنشاق في وضوئه ولا في غسله للجنابة، وهو المُبيَّن عن الله عزَّ وجلَّ مراده قولًا وعملًا، وقد بيَّن من (٢) مراد الله بقوله: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}؛ المضمضة والاستنشاق [مع] (٣) [غسل] (٤) سائر الوجه.

وحجَّة من فرَّق بين المضمضة والاستنشاق: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فعل المضمضة ولم يأمر بها، وأفعاله مندوب إليها ليست بواجبة إلا بدليل.

وفَعَلَ الاستنثار وأمرَ به، وأمرُه على الوجوب أبدًا، إلا أنْ يتبيَّن غيرُ (٥) ذلك من مراده، وهذا على أصولهم في ذلك. انتهى ما ذكره الحافظ أبو عمر رحمه الله تعالى (٦) " (٧).

فأمَّا الاحتجاج لمن لا يرى وجوبهما بأنّ الله لم يذكرهما في كتابه، ولا أوجبهما رسوله - صلى الله عليه وسلم - فقد ثبت (٨) من حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا


(١) في ت "الخر" وهو تحريف ظاهر.
(٢) ساقطة من س.
(٣) كذا في س وهو الأنسب للشاق وفي ت "من".
(٤) زيادة من "التمهيد" لابن عبد البر المطبوع وهي زيادة يقتضيها السياق فضلًا عن كونها ثابتة في الأصل.
(٥) في س عن وهو تحريف يرده السياق.
(٦) في س "رضي الله تعالى عنه ورحمه".
(٧) في كتابه "التمهيد" (٤/ ٣٥ - ٣٦).
(٨) عليها بعض البياض في ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>