للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه من مسح جميع الرأس، هذا هو المشهور من مذهب مالك، لكن أصحابه اختلفوا في ذلك:

فقال أشهب: يجوز مسح بعض الرأس، وذكَرَ أبو الفرج المالكي قال: اختلف متأخّرو أصحابنا في ذلك، فقال بعضهم: لا بدَّ أنْ يمسح كل الرأسِ، أو أكثره، حتَّى يكون الممسوح أكثر الرأس فيجزئ ترْكُ سائِره.

قال أبو عمر: هذا قولُ محمد بن مسلمة. وزعم الأبهريُّ أنَّه لم يقُله غيرُه من المالكيين.

قال أبو الفرج: وقال آخرون: إذا مسَحَ الثلث فصاعدًا أجزأه.

قال: وهذا أشبه القولين عندي، وأولاهما، مِن قِبَل أنَّ الثلث فما فوقه قد جُعِل في حيِّز الكثير في غير موضعٍ.

وزعم الأبْهَريُّ أنَّه لم يقُل أحدٌ من أصحاب مالك ما ذكَرَه أبو الفرج عنهم، وأنَّ المعروف ما ذكَرَه محمدُ بن مسلمة، ونازع في أكثرية الثلث.

وأمَّا الشافعي فقال: "الفرضُ مسْحُ بعضِ الرأس ولم يُحَدّ" وهو قول الطبريَ.

قال الشافعي: "احتمل قول الله - عزَّ وجلَّ -: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}؛ مسح بعض الرأس، ومسح جميعه، فدلَّت السنة أن مسح بعضه يُجزئ".

وقال -في موضع آخر-: "فإن قيل: قد قال الله -في التيمم-: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ}؛ ولا يجزئ بعض الوجه في التيمُّم؛ قيل له: مسح الوجه في التيمُّم بدل من عموم غسله، فلا بُدَّ من أنْ يأتي بالمسح على جميع موضع الغسل فيه، ومسح الرأس أصلٌ، فهذا فرق ما بينهما، وعفا الله - عزَّ وجلَّ - في التيمُّم عن الرأس

<<  <  ج: ص:  >  >>