للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا فرق إذ من المعلوم أنَّ ابن عباس إنَّما روى ذلك عن خالته ميمونة سواء ذكرها أو لم يذكرها.

والثاني: حديث سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس: "اغتسل بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - في جفنة (١)، وهذا غير ذاك، ومخرجه غير مخرجه، وهو والحديث الثَّاني المردود عند ابن حزم (٢) بسماك. وقد تكلَّمنا عليه. فمسلم رحمه الله ومن جرى مجراه من الحفَّاظ يعدهما كليهما حديث ميمونة في غسله عليه السَّلام وإيَّاها من الجنابة حديثًا واحدًا، اختلفت ألفاظُه ورواته، يشهدُ بعضها لبعضٍ ويقوِّي بعضها بعضًا، وليس كذلك للفقيه المستدل بلفظ الحديث المستنبط للأحكام منه (٣)، فإنَّه تسامحَ كان ذلك فيما لا يتسامح فيه غيره، ولا يحسن على طريقته أن يُقال في حديث ابن جريج عن عمرو قد صحّحه التِّرمذيُّ (٤)، وصحَّح أيضًا، وعزاه إلى مظانّه عزوًا مستقلًا التِّرمذيُّ.

إنَّما هو حديثُ سفيان عن عمرو، بين لفظيهما من الاختلاف ما ذكرناه، فإن كان أراد بتصحيح التِّرمذيّ أن يقول قد أخرجه مسلم من طريق أخرى غير مشكوك فيها، وإن كان أراد حديث سماك عن عكرمة فلا يحسن أن يقول: وأخرجه التِّرمذيُّ


(١) أخرجه أحمد (١/ ٢٣٥، ٣٠٨) والدارمي في سننه (١/ ٢٠٣) برقم ٧٣٤ و ٧٥٣ باب الوضوء بفضل وضوء المرأة وأبو داود في سننه كتاب الطهارة (١ /) برقم ٦٨ باب الماء لا يجنب والترمذي كتاب الطهارة (١/ ٩٤) برقم ٦٥ باب ما جاء في الرخصة في ذلك وابن ماجه في سننه كتاب الطهارة (١/ ١٣٢) برقم ٣٧٠ باب الرخصة بفضل وضوء المرأة وصححه التِّرمذيُّ وابن خزيمة وقال الحافظ في الفتح (١ /): "وقد أعله قوم بسماك بن حرب لأنَّه كان يقبل التلقين لكن قد رواه عنه شعبة وهو لا يحمل عن مشايخه إلَّا صحيح حديثهم".
(٢) المحلى (١/ ٢١٤) برقم ١٥١ طبعة أحمد محمد شاكر.
(٣) إذ الذي عند التِّرمذيِّ في جامعه حديث سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار، انظر الجامع (١/ ٩١) برقم ٦٢ وقال حسن صحيح.
وحديث ابن جريج عن عمرو عند مسلم في صحيحه (١/ ٢٥٧) برقم ٣٢٣.
(٤) الجامع (١/ ٩٤) برقم ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>