للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طريق ابن البيلماني عن أبيه عنه، فتضمن ذكر الرجلين الذي ذكر أبو عمر أنه ليس في حديث أبي هريرة الذي رواه مالك إلا من طريق ابن وهب عنه.

وقد ذكره أبو عمر من طريق أبي داود وفيه: "ثم إذا مسحت برأسك خرجت خطاياك من أطراف شعرك، ثم إذا غسلت رجليك خرجت خطاياك من أطراف أنامل رجليك".

وذكر ابن العربي كلامًا معناه: لم كانت خطايا الوجه من العين وحدها دون الفم والأنف؟ وأجاب بوجهين:

الأول: أن العين ليس في خطاياها كبيرة بخلاف الفم والأنف ولا يخلو هذا من نظر، وهو أن الأنف أخف خطايا من العين وقد استدل بعض من لم يجز الوضوء بالماء المستعمل بهذا الحديث وقال: لأنه إذا حصل الوضوء به مرة خرجت الخطايا معه فوجب التنزه عنه لأنه ماء الذنوب.

قال أبو عمر (١): وهذا عندي لا وجه له، لأن الذنوب لا تنجس الماء لأنها لا أشخاص لها تمازج الماء فتفسده وإنما معنى قوله: خرجت الخطايا مع الماء إعلام بأن الوضوء للصلاة عمل يكفر الله به الذنوب والسيئات عن عباده المؤمنين رحمة بهم وتفضلًا عليهم أعلموا بذلك ليرغبوا في العمل به.

واختلف الفقهاء في الوضوء بالماء المستعمل الذي قد توضأ به مرة فقال الشافعي وأبو حنيفة وأصحابهما: لا يتوضأ به ومن توضأ به أعاد لأنه ليس بماء مطلق ويتيمم واجده لأنه ليس بواجد ماء قالوا: لما كان مع الماء الذي لم يستعمل كلا ماء وجب التيمم، وقال بقولهم في ذلك أصبغ وهو قول الأوزاعي.

وأما مالك فقال: لا يتوضأ به إذا وجد غيره من الماء ولا خير فيه ثم إذا لم


(١) "التمهيد" (٤/ ٤٢)، و"الاستذكار" (١/ ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>