للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النجاسة في الماء، وإن مع هذا المقدار من الكثرة لا سراية وهذا المقدار من الماء داخل تحت العموم فتخصيصه بهذا العنى تخصيص العام بمعنى مستنبط يعود عليه بالتخصيص (١) وفيه من الخلاف ما ليس في الأول، وأما من تمسك بالعمومات الدالة على طهورية الماء الذي لم يتغير صفة من أوصافه الثلاثة فيحمل النهي هنا على الكراهة فيما لم يتغير وهو خلاف المشهور في النهي.

ومن قال بتنجيس ما دون القلتين من الماء وإن لم يتغير من أصحاب الشافعي وغيرهم، فإنما أخذه من مفهوم حديث القلتين. وفي تخصيص العموم بالمفهوم تنارع بين أهل الأصول (٢) فبعضهم يقول لا نعلم خلافًا بين القائلين بالمفهوم أنه يجوز تخصيص العموم به، وسواء كان من قبيل مفهوم الموافقة أو من قبيل مفهوم المخالفة وغيره يقول: إذا قلنا المفهوم حجة فالأشبه أنه لا يجوز تخصيص العام به لأن المفهوم أضعف دلالة من المنطوق به فكان التخصيص تقديمًا للأضعف على الأقوى وذلك غير جائز، وذلك غير جائز ولكل من الفريقين شبه واحتجاجات ليس هذا موضعها.

وقولهم: التغوط في الماء بمعنى البول فيه من باب القياس في معنى الأصل؛ فإن المذكور في الخبر إنما هو البول وكذلك اغتسال الحائض في الماء في معنى اغتسال الجنب وكذلك النفساء فرتب من ذلك المنع من اغتسال الجمعة والغسل من غسل الميت، عند من يوجبهما، كل هذا من باب القياس في معنى الأصل وإن اختلفت الراتب فيه بالقوة والضعف. والظاهري لا يلحق هذه بغسل الجنابة لانتقاء الجسم.

وأما الأغسال المسنونة فهل يلحق بغسل الجنابة أو لا؟ أما من اقتصر على


(١) المشهور من قول الأصوليين أنه يجوز أن يستنبط النهي معنى يخصصه التمهيد للإسنوي (٣٧٥) والبحر المحيط (٣/ ٣٧٧ - ٣٧٨).
(٢) انظر المستصفى (٢/ ١٠٥)، العدة (٢/ ٥٧٨)، المسودة (١٢٧، ١٤٣)، روضة الناظر (٢/ ١٦٧)، البحر المحيط (٣/ ٣٨١ - ٣٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>