للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللفظ فلا إلحاق عنده وأما من يقيس فمن زعم أن العلة الاستعمال وإفساد الماء وجب أن يخرج على وجهين: وهو أن الاستعمال في نقل الطهارة هل يجعل الماء مستعملًا أو لا؛ فيه خلاف ومن علل بغير ذلك قال: ساوت العلة في الفرع العلة في الأصل ورجحت عليه ألحق وإلا امتنع الإلحاق وذلك كالتعليل بالعبادة النفسية فقد يدعى أنها في هذه الأغسال ناقصة عنها في الغسل من الجنابة.

وقد ذكرنا الفرق بين رواية من روى: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم لا يغتسل فيه"، ومن روى: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه"؛ وأن الرواية الأولى تقتضي النهي عن الجمع بين الأمرين ووقوع الاغتسال منه بعد البول فيه.

والثانية تقتضي النهي عن كل فرد منهما، وذكرنا أن ظاهر النهي للتحريم فمن رأى النهي عن البول في الماء لمن لا يغتسل فيه محمولًا على الكراهة والتنزيه يحتاج إلى صارف يصرف النهي عن ظاهره.

قال القاضي (١) عياض: ونهيه - عليه السلام - عن بول الرجل في الماء الراكد أو الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل منه وهو تفسير الراكد هذا تفسير منه - عليه السلام -، على طريق التنزيه والإرشاد إلى مكارم الأخلاق والاحتياط على دين الأمة وهو في الماء القليل آكد منه في الكثير لإفساده له؛ بل ذكر بعضهم أنه على الوجوب فيه لأنه قد يتغير منه ويفسد فيظن من مر به أن فساده لقراره أو مكثه، وكذلك يكثر تكرار البائلين في الكثير حتى يعتريه ذلك؛ فحمى - عليه السلام - هذا العارض في الماء الذي أصله الطهارة بالنهي عن ذلك (٢).


(١) إكمال المعلم (٢/ ١٠٥).
(٢) إكمال المعلم (٢/ ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>